الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فلقد كان هذا الذي تذكر في معرض الرد على إطلاق القول باعتبار التجمعات الإسلامية المعاصرة جميعا امتدادًا للفرق الإسلامية القديمة؛ كالخوارج، والمعتزلة، والمرجئة… ونحوهم، فبينت أن الفِرق إنما تتكون بالتحزب على أصول كلية بدعية تخالف الأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، أو على بدع جزئية كثيرة، وأن هذا هو الضابط الذي ذكره أهل العلم في الحكم على تجمع من التجمعات بأنه يعد فِرقة من الفِرق الضالة المتوعدة في حديث الفِرق، فإذا لم يكن هذا ولا ذاك؛ فيعسر إطلاق وصف الفِرق على تجمع من التجمعات المعاصرة لمجرد اجتماعه على عمل من أعمال الخير، واصطلاحه على مقدم فيه تنتظم به أعمالهم، في واقع أُعلنت فيه العلمانية، ويتحزب خصومهم فيه على تحكيم القوانين الوضعية، ويتنادون جهارًا بالفصل بين الدين والدولة!!
كما بينت أن الجماعة التي جاءت النصوص بلزومها وحذرت من مفارقتها إما أن تكون من الاجتماع على المنهج، أو الاجتماع على السلطان القائم على حراسة هذا المنهج، والخروج عن الجماعة بالمعنى الأول هو خروج فرق الضلالة والخروج على الجماعة بالمعني الثاني هو خروج البغاة والمحاربين.
ولقد ذكرت لمشروعية هذه التجمعات ثلاثة شروط:
الأول: ألا تتحزب على أصل كلي بدعي، وإلا كانت فرقة من فرق الضلالة.
الثاني: ألا تخرج به على إمام زمانها ما أقام في الأمة كتاب الله، وإلا كان عملها من جنس عمل البغاة الخارجين على الأئمة.
الثالث: ألا تعقد على أساس هذا التجمع ولاءً ولا براءً، وإلا كانت من أمور الجاهلية التي تتفرق بها الأمة شيعًا وأحزابًا.
وكل تراجع في أحد هذه الشروط ينعكس على مشروعية هذه التجمعات بالخلل والتراجع، إلى أن تنعدم هذه المشروعية بالكلية.
هذا الذي ذكرته في كتاب «الثوابت» وغيره من الكتب، ولم يتبين لي خلافه حتى كتابة هذه السطور، ونضَّر الله امرأً تبين له بالأدلة خلاف ذلك فدلني عليه، وأنا راجع عن الزلل -بإذن الله- في حياتي وبعد مماتي.