القرض الطلابي للضرورة

بارك الله في علمكم يا شيخ، أنا لاجئ من العراق أسكن في أمريكا، أُخرجت من دياري غصبًا بعدما بدأ الآخرون قتلَ أهل السنة والجماعة بكل وحشيَّة وقسوة، وأنا الآن في أمريكا منذ سبع سنوات تقريبًا، متزوج وعندي عائلة، وأكملت سنتين من تعليمي الجامعي، وأريد الآن إكمال دراستي الجامعية حتى أحصل على عمل كريم أستطيع به توفيرَ عيش كريم لعائلتي وسدادَ ديني الذي لم أستطع أن أردَّه منذ أكثر من خمس سنوات.
ولكن كما تعلم أن الدراسة في أمريكا مكلفة جدًّا، وعليه أريد أن آخذ قرض طالب، وهذا القرض ربوي كما تعلم يا شيخي، وقد قرأت الفتوى التي صدرت منكم بخصوص هذا الأمر، وقد تبين أن قرض الطالب حرامٌ قطعًا إلا للمضطر. فكيف أحدد الحالة الاضطرارية في وضعي هذا؟ علمًا أن علي دينًا وأني لا أملك المال لأُكمِل دراستي؟ فما الحل؟ جزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد صدر قرار مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا بشأن القروض الطلابية في الفترة من 9 – 13 من شهر ذي القعدة 1430 الموافق 28 – 1 3 من شهر أكتوبر 2009 في مونتريال بكندا، ونصُّه ما يلي:
الأصل هو تحريمُ القروض الربوية، سواء أكانت قروضًا للطلاب أم لغيرهم، لدخولها في الربا الجليِّ الذي أجمع أهل العلم سلفًا وخلفًا على تحريمه، وينبغي استفراغُ الوسع في طلب البدائل المشروعة قبلَ القفز إلى التعلُّل بالضرورات والحاجات.
وفي عالم الجامعات في الغرب تُوجد منحٌ دراسية للنابغين، ولغير القادرين، بالإضافة إلى فُرص عملٍ جزئية تمكِّن من الجمعِ بين الدراسة والعمل، وتقي من الوقوع في هذه القروض، كما قد توجد قروض حسنة تتكفل الدولة بدفع فوائدها إذا تمكَّن الطالبُ من سداد كل ما عليه خلال ستَّة أشهرٍ من تخرُّجه، أو منح من بعض الشركات والهيئات مقابلَ عقود للعمل معها بعد التخرُّج، فينبغي استفراغُ الوسع في ذلك كله.
إذا انعدمت كلُّ هذه البدائل، وتعينت القروض الربوية سبيلًا وحيدًا لتيسير التعليم الجامعي دوامًا أو ابتداءً، أو سبيلًا لتأمين حاجة الجاليات المسلمة مما لا غنى عنه من الحِرَف والصناعات، عد ذلك ضرورة ترفع إثم الربا وإن بقي حكمُ التحريم، شريطة أن يكون المضطر غيرَ باغ ولا عاد، وذلك بأن تقدر الضرورة بقدرها، مع دوام الحرص على التماس البدائل المشروعة، والخروج من هذه القروض الربوية عند أول القدرة على ذلك تخفيفًا للفائدة الربوية ما أمكن.
ونؤكد على ضرورة الرجوع إلى أهل الفتوى في تقدير هذه الحاجات والضرورات، وأنه لا ينبغي لأحد أن يعوِّل على نفسه في ذلك، أو أن يقيس حاجاته على حاجات الآخرين.
وبناءً على هذا القرار إذا انعدمت أمامَك البدائلُ، وكنت في حاجةٍ ماسة إلى استكمال شهادتك الجامعية لتحصيل ضروراتك الحياتية المناسبة- فلا حرج عليك في ذلك، على أن تعقد العزم على الوفاء بهذا القرض ما استطعت، عند أول فرصة تتمكن فيها من ذلك، خروجا من استدامة هذا الإثم. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 20 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, غير مصنف
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend