الرغبة في مزيد التقرب من الله عز وجل

مسلم يرغب مزيد التقرب من الله عز وجل، ويطلب النصيحة، بما يمكن نُصحه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فنبارك له هذه الرغبة الكريمة، وهذه الهمة العالية، ونسأل الله أن يعينه عليها وأن يتقبلها منه.
ونوصيه بتجريد القصد لله عز وجل، وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه سلم، كما قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف: 110].
وأن يبدأ بصيانة الفرائض والاهتمام بها، وأن يحسن عبادة ربها فيها، ويشمل ذلك الأمر والنهي، أي فعل المأمورات وترك المنهيات، ويهتم بترك المناهي بصفة خاصة؛ فإن من اتقى المحارم كان أعبد الناس. ونخص بالذكر تجنب الخبائث في المكاسب والمطاعم والمشارب؛ فإن الرجلَ ليقذف باللقمة الحرام في جوفه فلا يتقبل منه عمل أربعين ليلة(1)!
ثم يستكثر ما استطاع من النوافل بعد ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله تَعَالَى قَالَ: مَنْ عَادَى لِـي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْـحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإنْ سَألَنِي أعْطَيْتُهُ، وَلَئِن اسْتَعَاذَنِي لأعِيذَنَّهُ»(2). ولا يزال لسانه رطبًا بذكر الله عز وجل(3).
ويختار من الذكر الصيغ الواردة في السنة الصحيحة، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُنَبِّئكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ, وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ, وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ, وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاق الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ, وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقكُمْ؟» قالوا: بلى. قال: «ذِكْرُ الله»(4). ونسأل الله لنا وله التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) فقد أخرج الطبراني في «الأوسط» (6/311) حديث (6495) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: تليت هذه الآية عند رسول الله  فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجابَ الدعوة. فقال له النبي ﷺ: «يَا سَعْدُ، أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ. وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَقْذِفُ اللُّقْمَةَ الْـحَرَامَ فِي جَوْفِهِ مَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ عَمَلُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَـحْمُهُ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ». وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (3/350) وقال:«رواه الطبراني ورواته إلى نصيح ثقات، وقد حسَّن هذا الحديث أبو عمر النمري وغيره، وركبٌ قال البغوي: لا أدري سمع من النبي ﷺ أم لا، وقال ابن منده: لا نعرف له صحبة. وذكر غيرهما أن له صحبة، ولا أعرف له غير هذا الحديث»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/291) وقال: «رواه الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفهم»، وذكره الألباني في «السلسلة الضعيفة» حديث (1812).

(2) أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «التواضع» حديث (6502) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (4/ 188) حديث (17716) ، والترمذي في كتاب «الدعوات» باب «ما جاء في فضل الذكر» حديث (3375) من حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثُرت عليَّ فأخبرني بشيء أتشبث به. قال: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».

(4) أخرجه مالك في «موطئه» (1/ 211) حديث (492) ، وأحمد في «مسنده» (5/ 195) حديث (21750) ، والترمذي في كتاب «الدعوات» حديث (3377) ، والحاكم في «مستدركه» (1/ 673) حديث (1825). من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 73) وقال: «رواه أحمد وإسناده حسن»، والمنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 253 – 254) وقال: «رواه أحمد بإسناد حسن».

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend