فضيلة الشيخ أنا مقيم في إيطاليا وعندي محل بيتزا، والحمد لله كله حلال، ولكن إيراده ضعيف جدًّا، وأريد أن أعمل شيء آخر لأن معي أولادي والحياة هنا صعبة، وظهر أمامي عمل إعلانات لمحلات البيتزا، فأقوم بطباعة الإعلان وهم يقومون بتوزيعه.
وسؤالي هو على قسمين:
الأول: هناك من يعمل باللحم الحلال مثلي، وهناك من يعمل بالخنزير، ويبقى الاسم واحدًا، يعني اسم اللحوم واحدة، وتختلف في طبيعتها، ففي الإعلان نكتب لحم بروشوتو مثلًا وهذا الاسم فيه اللحم الحلال وفيه لحم الخنزير، وبالطبع هناك من يعمل بهذا وهناك من يعمل بهذا، فهل في طباعة هذه الإعلانات حرام؟
أنا وسيط بينهم وبين المطبعة، مع العلم أنني لا أستطيع العمل مع من يعملون في الحلال فقط؛ نظرًا لقلة عددهم وصعوبة سؤالهم إن كانوا يعملون في النوع الحلال.
والقسم الثاني: أن بعض هذه المحلات تبيع البيرا، ويطلبون كتابة ذلك في الإعلان، فهل يجوز كتابة البيرا في الإعلان أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فبالنسبة لتسويق البيرا ووضعها في إعلاناتك لا ينبغي أن تختلف الكلمة في منع ذلك، فقد لعن في الخمرة عشرة كما هو معلوم، فقد جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لُعِنَتِ الْـخَمْرَةُ عَلَى عَشْرَةِ وُجُوهٍ: لُعِنَتِ الْـخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْـمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَآكِلُ ثَمَنِهَا»(1). واللعن هو الطرد من رحمة الله عز وجل.
أما بالنسبة لإعلانات البيتزا فهي من المشتبهات التي يجدر بالمسلم اجتنابُها ما استطاع، فإن «مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْـحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْـحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ»(2).
فأحب لك أن تبعد عن هذا وعن ذاك حسبةً لله تعالى، ومن ترك شيئا لله أبدله الله خيرًا منه(3). اللهم إلا إذا كنت في ضرورة أو حاجة ماسَّة شديدة تنزل منزلة الضرورة، فيكون دخولك في هذا العمل دخولًا عابرًا مؤقتًا، وتجتهد في التماس البدائل المشروعة، وتعقد العزم على التحوُّل عن هذا العمل عند أول القدرة على ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 25) حديث (4787)، وأبو داود في كتاب «الأشربة» باب «العنب يعصر للخمر» حديث (3674)، وابن ماجه في كتاب «الأشربة» باب «لعنت الخمر على عشرة أوجه» حديث (3380) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (2/ 319) وقال: «إسناده جيد».
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما.
(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 78) حديث (20758)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/ 178) حديث (1135)، من حديث يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من الصحابة بلفظ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ الله جَلَّ وَعَزَّ إِلَّا أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْهُ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/ 269) وقال: «رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح».