معنى قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}

يقول الله ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30] فكيف لله {#emotions_dlg.azz}، وهو المنزه عن كل شيء، أن يصف نفسه بأنه خيرُ الماكرين؟! نرجو إلقاء الضوء حول هذه الآية، وشكرًا لكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المكر من العباد إنما يكون بالإقامة على معاصي ربهم جل في علاه، والتهاون في حقه، أما مَكْر الله بهم فهو كونه يُملي لهم ويزيدهم من النعم والخيرات، وهم مقيمون على معاصيه وخلاف أمره، فهم جديرون بأن يُؤخذوا على غفلتهم ويُعاقبوا على غرتهم بسبب إقامتهم على معاصيه وأمنهم من عقابه وغضبه، كما قال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ *  وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾ [الأعراف: 182، 183] وقال ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: 110]، وقال سبحانه:﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44]أي: آيسون من كلَّ خيرٍ.
والمكر من الله جل وعلا في هذا السياق صفة مدح وليس صفة نقص؛ لأنه يدل على تمام القوة والتمكن، ولا تُطلق هذه الصفة على الله مفردة، بل تطلق كما أطلقها القرآن الكريم، أي في مقابلة مَن يمكرون. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend