المقصود بيتامى النساء

ما المقصود بيتامى النساء؟ وهل لليُتم سنٌّ معينة؟ وهل تختلف الأنثى عن الذكر في اليُتم؛ حيث يُشاع أن المرأة اليتيمة هي التي لا تتزوَّج؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن اليتيم هو مَن مات أبوه وهو دون البلوغ، وسبب نزول هذه الآية: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3] ما ثبت في الصَّحيح أن عُروة سأل عائشة عن هذه الآية، فقالت: هي اليتيمة تكون في حَجْر الرجل تشركه في ماله، ويُعجبه مالها وجمالها، ويُريد أن يتزوَّجها ولا يُقسط لها في صداقها، فيُعطيها مثلما يعطيها غيره، فنُهوا عن أن ينكحوهن حتى يُقسطوا لهن، ويعطوهن أعلى سنتهن في الصَّداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن(1).
والمعنى كما قالت أمُّ المؤمنين عائشة ل: أنه كان الرجل تكون عنده اليتيمة في حَجْره، فإن كانت جميلة تزوَّجها من غير أن يُقسط في صداقها، وظنَّ أن رعايتَه لهذه اليتيمة وكفالته لها كافية عن المهر، وإن كانت دميمةً رغب عن نكاحها وعَضَلها أن تنكح غيره؛ لئلا يُشاركه في مالها؛ فنُهُوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يُقسطوا إليهن، ويبلغوا بهن أعلى سُنَّتهن في الصَّداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهنَّ. أي: كما أنه يرغب عن نكاحها إن كانت قليلةَ المال والجمال، فلا يحلُّ له أن يتزوَّجها إن كانت ذاتَ مالٍ وجمال إلا بالإقساط إليها، والقيام بحقوقها كاملةً غير منقوصة.
وهذا المعنى الذي ذهبت إليه أمُّ المؤمنين عائشة ل يُبيِّنه ويشهد له قوله تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: 127].
وقالت ل: إن المراد بـ ﴿وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ [النساء: 127] هو قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: 3]الآية، فتبيَّن أنها يتامى النِّساء، بدليل تصريحه بذلك في زواج اليتيمات: «فَدَعُوهُنَّ، وَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ»(2). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3].

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «تفسير القرآن» باب ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾  حديث (4574)، ومسلم في كتاب «التفسير» حديث (3018)، من حديث رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend