الاجتماع على قراءة القرآن في المسجد

ما حكم الاجتماع على قراءة القرآن في المسجد؟ وما الصفة المشروعة لذلك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن قراءةَ القرآن من أفضل ما تقرَّب به إلى الله تعالى المتقربون، ولا حرج في الاجتماع على تلاوتها؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي ﷺ قال: «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الله يَتلُونَ كِتَابَ الله، وَيَتَدَارَسُونَهُ بينهم، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»(1).
وطريقة ذلك أن يقرأ أحدُهم ويُنصت الآخرون، ولا حرج إذا فرغ من قراءته أن يقرأ بعده غيرُه، ومشروعية ذلك مرتهنة بألا تُتَّخذ سنةً راتبة في المساجد، بحيث يعتقد أنها جزءٌ من مناسك الصلاة، وألا يقترن بها منكرٌ من المنكرات.
وقد قال شيخُ الإسلام ابن تيمية: «الاجتماعُ على القراءة والذكر والدعاء حسن، إذا لم يُتخذ سنةً راتبةً ولا اقترن به منكرٌ من بدعةٍ»(2).
وقد سُئلت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاء ببلاد الحرمين عن حكم الاجتماع على القراءة؟ فأجابت:
قراءة القرآن عبادةٌ، ومن أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى، والأصل في أداء القراءة: أن يكون على الصيغة التي كان النبيُّ ﷺ يؤديها عليها هو وأصحابه رضي الله عنهم، ولم يثبت عنه ولا عن أصحابه أنهم كانوا يقرءون جماعةً بصوت واحد، بل كل منهم يقرأ وحده، أو يقرأ أحدهم ويستمع إلى قراءته مَن حضره، وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»(3)، وقال: «مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(4)، وفي رواية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ»(5).
وثبت عن النبيِّ ﷺ: أنه أمر عبدَ الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن يقرأ عليه القرآن، فقال: يا رسول الله أأقرأ عليك وعليك أُنزِل؟! قال: «إِنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيرِي»(6).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر» حديث (2699) من حديث أبي هريرةرضي الله عنه.

(2) «الفتاوى الكبرى» (1/53).

(3) أخرجه أبو داود في كتاب «السنة» باب «في لزوم السنة» حديث (4607)، والترمذي في كتاب «العلم» باب «ما جاء في الأخذ بالسُّنَّة واجتناب البدع» حديث (2676) من حديث العرباض بن سارية ، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».(4) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلح» باب «إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود» حديث (2697)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور» حديث (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(5) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلح» باب «إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود» حديث (2697)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور» حديث (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.

(6) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «فضائل القرآن» باب «من أحب أن يسمع القرآن من غيره» حديث (5049)، ومسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «فضل استماع القرآن وطلب القراءة من حافظه» حديث (800).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend