حول لفظ الخلافة والخليفة في حياة المسلمين

السؤال

جاء في مقال لأحد أهل العلم من المعاصرين هذه العبارة: «لو اختفى لفظ الخلافة والخليفة من حياة المسلمين إلى الأبد، ما نقص ذلك من دينهم مثقالَ ذرة ولا أصغر منها. ولكن إذا اختفى العدل والشورى وشرعيَّة الحُكم ليوم واحد، فتلك طامة كبرى». وقبل ذلك يقول في نفس المقال: «فمن ادعى أنه بإعلانه الخلافةَ وتبعاتها الخطيرة قد قام بما أوجب الله عليه، فليخبرنا أين كلفه الله بهذا؟ ومن أين له هذا الوجوب؟ وإلا فهو دعِيٌّ، ومن الذين يفعلون ما لا يُؤمرون». فما تعليقكم على هذا الكلام؟

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فهذا كلام لمن أحسن فهمَه كلامٌ دقيقٌ نفيس، فإن العبرة بالحقائق والمعاني، وليس بالألفاظ والمباني.

إن الخلافة نيابةٌ عن النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، ومقصودها اجتماعُ كلمة الأمة على تحكيمِ الشريعة، وقيامُ أهل الإسلام بالقِسط، واجتماعُ كلمتهم على متبوعٍ مُطاعٍ.

ولا مُشاحة بعد ذلك في الاصطلاح، سمِّه ما شئت، سمِّه خلافة، سمِّه إمارة، سمِّه جامعةَ دول إسلامية، سمِّه عُصبةَ أمم إسلامية، سمِّه الولايات المتحدة الإسلامية، سمِّه الإمارات المتحدة الإسلامية، فإن العبرة- كما سبق- بالحقائق والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.

المهم في نهاية المطاف أن لا تبقى العلمانيةُ هي النظامَ السياسيَّ السائد في ديار الإسلام، وأن لا تظل اتفافيةُ سيكس بيكو هي التي ترسم الحدودَ بين ديار الإسلام، وأن لا يظل السيفُ هو الحكَمَ في العلاقة بين الأمة والولاة.

فالواجب هو السعيُ لتجاوز العلمانية إلى تحكيمِ الشريعة، والسعيُ لتجاوز التشرذُم القائم في الوضع الراهن إلى جمعِ كلمة الأمَّة حولَ قيادة واحدة، حتى لا تظلَّ مطمعًا لخصومها الذين حرصوا- ولا يزالون- على تمزيقِ أوصالها، وتكريسِ الفرقة بين أبنائها.

هذا هو المقصود، وأحسب أن هذا هو ما يرمي إليه صاحب هذا المقال المشار إليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 31 يناير, 2021
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend