حول طرد عمر رضي الله عنه كاتبًا نصرانيًّا وتطبيقه آية الموالاة عليه

السؤال

جزاكم الله خيرًا وشكرًا على مجهودكم في نشر العلم الصحيح بارك الله فيكم، مررت على هذا الأثر في «سلسلة الآثار الصحيحة» لآل زهوي وفيه:

قال ابن أبي حاتم: حدثنا كثير بن شهاب، ثنا محمد بن سعيد بن سابق، ثنا عمرو بن أبي قيس، عن سماك بن حرب، عن عياض: أن عمر أمَرَ أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخَذ وما أعطَى في أديم واحد، وكان له كاتبٌ نصراني، فرفع إليه ذلك فعجب عمر، وقال: «إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابًا في المسجد جاء من الشام؟» فقال: إنه لا يستطيع. قال عمر: «أجنب هو؟» قال: لا، بل نصراني. قال: فانتهرني وضرب فخذي. قال: «أخرجوه». ثم قرأ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51].

وفي رواية أنه قال: لا تُكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تدنوهم إذ أقصاهم الله، ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله عز وجل.

كيف يفهم هذا الحديث في ضوء ما انتشر في أيامنا هذه من مفهوم التعايش مع أهل الكتاب؟ وهل هذا يجب أن يعمل به في أحكام السياسة الشرعية أيامنا هذه؟ جزاكم الله خيرًا.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فلغير المسلمين البرُّ والقسطُ في التعامل ما داموا من المسالمين، فلا حرج في توظيف غيرِ المسلم واستعمالِه على عملٍ من الأعمال، فقد كان يخدم النبيَّ صلى الله عليه وسلم في بيتِه غلامٌ يهودي، وكان يقوم على تنعُّلِه وتطهُّره صلى الله عليه وسلم، ثم آل أمره إلى أن أسلم على يد النبي صلى الله عليه وسلم عندما عادَه وهو على فراش الموت، فقال له: «أَسْلِمْ». فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم. فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الْـحَمْدُ لله الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ»([1]).

وينبغي أن تكون لمن يباشر ذلك نيةٌ صالحة من تألف على الإسلام، أو إزالة شبهة طيرها خصوم الإسلام ضدَّ الإسلام والمسلمين.

ولعل ما فعله عمر رضي الله عنه كان من جنس السياسة الشرعية التي لا تُمثل شريعةً ثابتة مطردة، وإنما ينظر فيها إلى المآلات، وتختلف فيها الفتوى باختلاف الزمان والمكان والأحوال. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________________________

([1]) أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «إذا أسلم الصبي » حديث (1356) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

تاريخ النشر : 03 فبراير, 2021
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend