السلام عليكم شيخنا الحبيب..بعض الإخوة علقوا على حادث التفجير الذي راح من ضمن ضحاياه الشيخ البوطي بسورية، و استشهدوا بالحديث الشريف عن عمل الرجل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها(1). نرجو من حضراتكم التكرم بالتعليق بارك الله فيكم.
______________________
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «ذكر الملائكة» حديث (3208)، ومسلم في كتاب «القدر» باب «كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله» حديث (2643) من حديث عبد الله بن مسعود قال: حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق: «إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أربَعِينَ يَومًا نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. فَوَالَّذِي لا إلهَ غَيْرُهُ، إنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وبيْنَهَا إلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فَيدْخُلُهَا، وَإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَّا ذراعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ فَيعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد أفضى الشيخ البوطي : إلى ما قدَّم، وقد كانت له سابقة وماضٍ مجيد في نُصرة الدعوة، وأفاد كثيرون من كتبه :، ثم خلط ذلك بمواقف أسيفة في نصرة النِّظام الأسدي وخذلان الثورة، وأغلب الظن أنه كان متأولًا في ذلك كله، فعسى أن يعذره ربه جل وعلا بتأويله، وهو الآن بين يدي ربه، فخير لنا أن نذكر محاسنه، أو على أدنى تقدير أن نكفَّ عن التخوُّض في عرضه، وأن نكِلَ أمره إلى الله عز وجل ، فقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]
وأولى لنا أن نجيل عقولنا في العبرة الكامنة في هذا المشهد المأساوي، فهكذا تُطوى الصحائف في لحظة، ويصبح الإنسان سطرًا في جريدة، أو خبرًا في موقع من مواقع الشبكة العنبكوتية.
|
|
أما عن واقعة التفجير في ذاتها فنحن ندينها بكل المقاييس، أيًّا كانت الجهة التي تولَّت كبرها، وأيا كانت البواعث على ارتكابها، ولا نقبل أن تكون المساجد ساحات لتصفية خصومات سياسية أو غير سياسية، وقد قتل معه في هذا الحادث من لا علاقة لهم بموقف الشيخ البوطي سلبًا أو إيجابًا، بل هم مجرَّد عوام يرتادون المسجد للصلاة، و«لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ»(1). وإذا حكمنا هذا المنطق في تسوية خصوماتنا فلن تبقى لمسجد حرمة. والله تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) أخرؤجه البخاري (219).