ما رأيكم في العلمانية التي تدعو لفصل الدين عن الدولة، والليبرالية التي تدعو للحرية بلا قيود من دين أو قيم، والحداثة التي تدعو لفصل القيم عن الدين؟
وهل العلمانية الغربية بدأت تنحو منحًى دينيًّا على عكس نشأتها الأولى؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن العلمانية بمعنى الفصل بين الدين والحياة لا تجتمع مع الإسلام، فالدولة في الإسلام تقوم على حراسة الدين وسياسة الدنيا به، والدولة العلمانية تعزل الدين عن الحياة وتبقيه في دائرة الشعائر التعبدية والمواعظ الأخلاقية، فهما نقيضان لا يجتمعان، ففصل الدولة عن الدين هدم لمعظم الدين، ومَن زعم إمكانية الجمع بينها وبين الدين فقد تصوَّر دينا آخر وسمَّاه الإسلام.
أما الليبرالية بمعنى إطلاق العنان للحرية البشرية بلا قيود ولا حدود، وبلا وازع من دين أو من ضمير، فهي انتكاس للبشرية وانقلاب على الفطرة وتمرُّد على الخالق جل في علاه.
إن الحرية كالنهر الذي يتدفق بين شطين أحدهما يمثل أوامر الله ونواهيه والآخر يمثل قوانين الدولة وأعراف المجتمع، فإذا طغى الماء من هذا الجانب أو ذاك كان الفساد العريض.
وقُلْ مثل ذلك في الحداثة بهذا المفهوم والتي نرى انعكاساتها البغيضة في الأدب والفن والثقافة، وكل هذه الثقافات والفلسفات غربية المنشأ والجذور مهما أَقْلَمها أتباعها في بلاد المسلمين وألبسوها ثيابًا عربية أو ثيابًا إسلامية.
وإن الصوت الإسلامي هو ذلك الصوت الوحيد الذي ينبع من أعماق هذه المنطقة ويعبر عن مشاعر كتلها الجماهيرية المسحوقة. والله تعالى أعلى وأعلم.