أولًا أشكرك على إجاباتك لنا خاصة وكونك تجيبنا دون معرفة هوياتنا مما يُتيح لنا السؤال دون خجلٍ أو مُراءاة، أشكرك سلفًا وأرجو سؤالك حول أمر يحيرني.
أنا من سكان فلسطين المحتلة- عرب الداخل- الذين يحملون جنسية إسرائيلية رغمًا عنا؛ لكوننا رفضنا مغادرَة بلادنا، ونعايش الظلم والتهكم والضعف كمسلمين، والأدهى من ذلك المسجد الأقصى ثالث الحرمين يدنس في صلاة الجمعة، يمنع المصلون من دخوله فيصلون على الساحة وليس داخل المسجد.
والأدهى يقوم الكفار بالدخول له لتخريب الأقصى وتدنيسه، فيقوم شبابٌ منا بأن يركبوا سياراتهم الخاصة يتجولون في حارات اليهود، ويقومون بدهس يهود حتى الموت أو بقتل يهود بالسكين، وقد يكون اليهودي المقتول بريئًا ولم يدنس المسجد ولم يقم بشيء، فحينها يأتي الشرطي الكافر فيقتل المسلم.
ويموت المسلم وقد يموت معه اثنان من اليهود أو أقل حيث هو يقتلهم.
بصراحة أنا أعتبر تصرُّفَهم انتحارًا لكون الشخص يعلم أنه بذلك يُعرض نفسه للخطر، واحتمال كبير سيتم قتلُه من الشرطة، وأراه تصرفًا غيرَ مسئول لأنه لا يفيدنا بإرجاع البلاد، بل يجعل الشباب المسلمين يموتون في عز شبابهم ونخسرهم كمواد خام لبناء مستقبل جيد للبلاد، وغيري يعتبره بطولة ويرى أن تصرفهم مقبولٌ لكونه يُرِي العدوَّ بأننا ما زلنا موجودون ويُخيفهم ويردعهم عن أذيتنا أو الاقتراب لأقصانا. فما القول الفصل في ذلك؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن أهل العلم في القُدس أخبرُ الناس بذلك، وأقدرهم على الجواب عنه؛ فإن الفتوى معرفة الواجب في الواقع، فهي تقتضي علمًا بالشرع ودراية بالواقع، وأيُّ نقص في أحد هذين الجانبين سينعكس على الفتوى بالقصور لا محالة.
واليهود المحتلون في فلسطين غاصبون، سواء منهم من دنس الأقصى ومن لم يدنسه، فقد اشتركوا جميعًا في جريمة إخراج أهل فلسطين من ديارهم بغير حق، وقد جعل الله الإخراج من الديار قرينَ القتل ونظيره، فقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} [النساء: 66].
والجهاد يا بنيتي ليس عمليةً استشهادية بحتَة؛ لأن الجهاد له غايات ومقاصد، إذا أدى إليها كان جهادًا مشروعًا، وإن أدى إلى نقيضها كان ممنوعًا؛ كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)} [التوبة: 14، 15].
فإن أدى الجهادُ إلى تحقيق هذه المقاصد كان جهادًا مشروعًا، وإن أدى إلى نقيضها بأن أفضى إلى شفاء صدور الكافرين، وتعذيب المؤمنين، وإغاظة قلوبهم، لم يكن جهادًا مشروعًا، وينتقل الواجب إلى إعداد العدة.
وأقدرُ الناس يا بنيتي على تحقيق هذه المناطات هم أهلُ العلم، المخالطين للمشهد عن كثب، والمراقبين له والمتابعين لتطوراته عن مقربة، فارجعي إليهم، والتمسي نُصحَهم، وأحسني الاستماع إليهم، واستلمهي اللهَ الرُّشدَ في ذلك كله من قبلُ ومن بعد. والله من وراء القصد، والله تعالى أعلى وأعلم.
العمليات الاستشهادية التي يقوم بها الشباب الفلسطيني ضد إسرائيل
تاريخ النشر : 24 يناير, 2025
التصنيفات الموضوعية: 05 السياسية الشرعية