الحكم بغير ما أنزل الله

هناك سؤال يدور في داخلي بإلحاح: كيف تكون دولةٌ مسلمة ولا تحكم بشرع الله؟! كيف لا نُطبِّق شرع الله ونطبق قوانين وضعها البشر؟! كيف نؤمن بالله ونؤمن بأن القرآن كلام الله أنزله على عبده وبعد ذلك نُحكِّم قوانين وضعها بشر؟!
هل شَرْعُ الله صعبٌ أن يطبق؟! هل شرع الله وكتابه كان مرتبطًا بفترة معينة هي زمن الرَّسول والصَّحابة والتَّابعين ونحن غير مُكلَّفين بتطبيقه في زمننا هذا؟! وإذا كانت إجابة فضيلتك هي أن شرع الله واجب التَّطْبيق في كلِّ زمان ومكان كيف نرضى أن نحكم بغيره؟! وهل نحن مطالبون بالعمل على تطبيق شرع الله في الدَّولة التي نسكنها؟!
وفي النِّهاية أعتذر لفضيلتك على طول السؤال، ولكن عذري أنني أحبك في الله، وعندي ثقة في علمك ودرايتك بكتاب الله ودينه، وأطمع أن أعرف الإجابة من شخص يشهد له الجميع من حولي بالعِلْم.
وأسالك الدُّعاء بأن يغفر لي ربي ما تقدَّم من ذنبي، وأن يجعل قلبي كله حبًّا له وحده.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فزادك الله يا بُنَي غَيْرةً وبصيرة. وتعطيل الشَّريعة سبب ما تُكابده الأُمَّة من شقاء وضنك وويلات وفجائع، ولو أنهم أقاموا كتاب الله وطبَّقوا شريعته لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولَـمَكَّن اللهُ لهم في الأرض، ولأذهب عنهم الذُّلَّ الذي يطوق أجيالهم ويأخذ بخناقهم، وما كدح الكادحون وما ابتلي الصَّابرون من الدُّعاة والمرابطين على ثغور حراسة الدين إلا لإقامة الدين وتحكيم الشَّريعة!
ولكن سبق في كتاب ربِّك أن من عباده شقيًّا وأن من عباده سعيدًا، وأن للجنَّة ملَأَها وأن للنار ملأها.
أما لماذا لا يُطبِّقونها فلأن إبليس قد صدَّق عليهم ظنَّه فاتَّبعوه، وزيَّن لهم من الشُّبُهات ما صدَّهم به عن السَّبيل، فزيَّن لهم أن الشَّريعة لا تلائم الزَّمان ولا المكان، وأن تطبيقها طريقٌ إلى الفِتْنة الطَّائفيَّة، كما زيَّن لهم أن تطبيق الحدود قسوة وبربريَّة، وأن الرِّبا ضرورة اقتصاديَّة، وأن العالم من حولهم لن يرضى عنهم إذا هم فعلوا ذلك.
إلى غير ذلك من الشُّبُهات التي بيَّنتُها في كتابي «تطبيق الشَّريعة ودعاوى الخصوم»، فارجع إليه على موقعي الشَّخصي.
بارك اللهُ فيك، وزادك بصيرة وغيرة، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend