الحرية السياسية في الإسلام

ما هي الحرية السياسية في الإسلام؟ وما حكمها؟ وهل فقهاؤنا في القديم والحديث نادَوْا بذلك؟ نفع الله بك الإسلام والمسلمين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد جاء الإسلامُ لتحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، واعتبر حرية الاختيار هي الأصل في جميع المكلفين.
وقد قال عمر بن الخطاب لواليه على مصر عمرو بن العاص: متى استعبدتم الناسَ وقد ولدتهم أمهاتُهم أحرارًا(1).
وما شُرعت سيوفُ الجهاد في الإسلام إلا لحماية هذا الحق.
وإذا كان الله جل وعلا قد قال في أمر الدين وهو أعظمُ مقصودٍ: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29]، فأولى أن يكونَ ذلك مُقرَّرًا فيما دون ذلك من الشئون.
والحرية السياسية هي الحقُّ في الترشيح والتصويت والمعارضة والنقد، وممارسة جميع الآليات التي تُعين على ذلك، كتكوين الأحزاب، وإنشاء الصحف والمجلات، وتكوين جماعات الضغط ونحوه، ما لم تتضمن بغيًا على الآخرين أو انتهاكًا لحرمة شرعية.
وشريعة الله عز وجل  في ذلك كلِّه هي الحسنة بين سيئتين: سيئة الإفراط، وسيئة التفريط؛ إنها لم تطلق العنان للأهواء البشرية فتُستباح المحرمات والموبقات، وتُشاع الفاحشة في أوساط المؤمنين والمؤمنات باسم الحرية، ولم تستعبد الناسَ وتُكمِّم أفواههم على النحو الذي تفعله الأنظمة الشمولية القمعية حتى يقول قائلهم: لا تنطقوا؛ إن الجدار له أذن.

إن الحرية كالماء الذي يتدفق بين شطَّين: أحدهما يمثل ضوابط الشرع، والآخر يمثل أعراف المجتمع وقوانينه.
والحرية نهرٌ يتدفق بينهما، فإذا طغى الماء من هذا الجانب أو ذاك أفسد في الأرض إفسادًا عظيمًا، ولو رجعت إلى كتابنا «التعددية السياسية» لوجدت فيه مزيدًا من التفصيل في هذه القضية. والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (12/294) حديث (36010).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend