الجهاد في سوريا

أنا مصري؛ هل الجهاد في سوريا فرضٌ عين عليَّ؟ أفتونا تفصيلًا مأجورين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأُحَيِّي فيك علوَّ همتك، وحميتك الدينية، وتشوفك إلى المعالي، فإن الجهاد ذروة سنام الإسلام(1)، وأتمنى لك من الله أن يديم عليك هذه العافية الإيمانية، وأن يرزقنا وإياك السداد والرشاد، في الأقوال والأفعال، اللهم آمين.
إذا نزل العدوُّ بمحِلَّة قومٍ أيها الموفق أو أحاط بهم، تعيَّن الجهاد على أهل هذه المحلَّة أولًا، ثم يمتدُّ إلى الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وهكذا في دوائر تتسع تدريجيًّا، إلى أن يعمَّ هذا التعيين أرض الإسلام قاطبةً.
ولكن قيادة الجهاد وإدارة عملياته تتضمن من الحرفيَّة والمهنية ما لا يُقدِّر قدرَه إلا الخبراءُ والقادة العسكريون، فليس المقصودُ إرسالَ أفراد عزل إلى ساحات القتال لا دربة لهم بالقتال، ولا خبرة لهم بفنونه، ولا تدريب لديهم على التعامل مع مثل هذا النوع من الحروب، فيكونون عبئًا على الجهاد وكَلًّا على قادته من حيث أرادوا أن يكونوا عونًا لإخوانهم ومددًا لهم.
بل قد يزداد بهم الموقف سوءًا وتعقيدًا عندما يصدر إلى العالم أن ساحات الجهاد قد أصبحت حُبلى بالمتطرفين والأصوليين، وأنها أصبحت ملتقى للتنظيمات الإرهابية، كما يحلُو لخصوم الملة والأمَّة تسمية كل من يأخذ دينه بقوة بهذه التسمية، وخلع هذه النعوت عليه، فنقدم لخصوم الجهادِ ذرائعَ يستنفرون بها كلَّ قوى البغي والاستكبار للتشنيع عليه ومحاربته وتطويقه.
ومن ناحية أخرى فإن الجهادَ لم تتعين مجالاته في الانضمام إلى ساحات القتال وجبهاته المباشرة، فهناك مجالات أخرى: كالدعم المالي، والسياسي، والقانوني، والإعلامي، والدعوي، والإغاثي، ونحوه، وإن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق.
ولهذا كان السبيلُ الأرشدُ أن يسأل قادة الجهاد الميدانيين أنفسهم عن نوع الدعم الذي ينتظرونه من إخوانهم، وعلى الأمة في الجملة أن تُوفِّر لهم هذا الدعم بمختلف صُوَرِه، وأن تنتدب لكل نوعٍ منه من تأهل له، وأن لا تكون العاطفة وحدها هي الحكم. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (5/ 231) حديث (22069)، والترمذي في كتاب «الذبائح» باب «ما جاء في حرمة الصلاة» حديث (2616)، وابن ماجه في كتاب «الفتن» باب «كف اللسان في الفتنة» حديث (3973). من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ». قلت: بَلَى يا رَسُولَ الله. قال: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ». وقال الترمذي: «حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية, 07 الجهاد

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend