الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه والتَّابعين والصَّالحين أجمعين.
شيخنا الفاضل الدكتور صلاح الصاوي، أرجو منكم توضيح هذا الحديث الشَّريف، وهذا ما أجاب به أحد المفتين جزاه اللهُ كلَّ خير: الحديث الذي يقول: «يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».
هل المقصود بقراءة القرآن في الآخرة أنها عن غيبٍ أم من مصحف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فالحديث رواه أحمد وأبو داود والتِّرمذيُّ: عن عبد الله بن عمرٍو ب قال: قال رسول الله ﷺ: «يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»(1).
والمقصود بقارئ القرآن في الحديث: هو الذي كان يتلوه في الدُّنيا حقَّ تلاوته، ويعمل بأحكامه فيأتمر بأوامره ويزدجر عن نواهيه، فهذا قارئ القرآن الذي يقرؤه رغبة فيه.
وذكر الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام أن من ثوابه أنه يقرأ يوم القيامة كما كان يقرأ في الدُّنيا، وأن منزلته في الجَنَّة عند آخر آيةٍ يقرؤها؛ فقد ورد عن عائشة ل أن عددَ دَرَج الجنَّة عددُ آي القرآن، فمن دخل الجنَّة من أهل القرآن فليس فوقه درجة(2).
وأما كونه يقرأ يوم القيامة غيبًا أو من مصحف فلم يُصرِّح الحديثُ بهذا، ولم نقف على نصٍّ يُبيِّن أن قارئَ القرآن يوم القيامة يقرأ من مصحف أو عن ظهر قلب، وظاهر اللَّفظ العموم، وفضل الله واسع. والله تعالى أعلم.
_______________
(1) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (2/347) حديث (1998) وقال: «قال الحاكم: هذا إسناد صحيح».