ما معنى حديث النبي «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا»(1)؟ هل كلمة «ليس منا» تعني أنه كافر خارج من الملة؛ لأن هذا هو المفهوم من من معنى الكلمة، وكثيرًا ما تتكرر في غير حديث هذه الكلمة «ليس منا»، فما المقصود بهذا؟
__________________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «قول النبي ﷺ: من غشنا فليس منا» حديث (102) من حديث أبي هريرة .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن عبارة «ليس منا» الواردة في الحديث لا تعني الخروج من الملة، وإنما تعني أنه ليس على هَدْينا أو على طريقتنا.
والنفي إذا جاء في النصوص له ثلاث إطلاقات: فقد يُطلق على نفي الوجود، فإن لم يمكن حُمِل على نفي الصحة، فإن لم يكن حمل على نفي الكمال، ففي هذا الحديث: «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» لا يُمكن حمله على نفي الوجود ولا على نفي الصحة؛ لأن هذا الذنب لا ينقض عقد الإيمان ولا يُذهب أصله، فتعيَّن حمله على نفي كمال الإيمان، ومثله قوله ﷺ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ»(1) على أحد تفسيراته، وهذا هو الشأن في نصوص الوعيد، لما تقرر عند أهل السنة من أن المعاصي من أمور الجاهلية، ولا يكفر أصحابها إلا بالشرك؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48].
والتكفير بمثل ذلك هو عقيدة الخوارج، وقد ردَّ عليهم أهلُ السنة بما قوَّض شُبهَهم وأتى على بنيانها من القواعد. زادك الله حِرصًا وفِقهًا وبصيرة، والله تعالى أعلى وأعلم.