لماذا يستغفر الرسولُ ﷺ لنفسه؟ وما معنى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ } [الأحزاب: 1] أليس الرسول ﷺ يتقي الله؟ وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد أجمعت الأُمَّة سلفًا وخلفًا على عصمة الأنبياء فيما يتعلَّق بتبليغ الرسالة، وعلى عصمتهم من الكبائر.
وأما فيما يتعلَّق بالصغائر، فإن العِصْمةَ منها موضعُ نظرٍ بين أهل العِلْمِ(1)، وأكثرُ العلماء على أنها تقع منهم، ولكنهم لا يَقَرُّون عليها ولا يُؤخِّرون التَّوْبةَ منها، بل يستغفرون منها في الحال ويتوبون، وهم بعد التَّوْبة أكملُ منهم قبلها، ورحم الله القائلُ: لو لم تكن التَّوْبة أحبَّ الأشياء إليه لما ابتَلَى بالذنب أكرمَ الخلق عليه.
أمَّا معنى قولِه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب: 1] فهو تعليمٌ لأمته وخطاب لها وأمرٌ له ولأمته بالثبات عليها والمداومة عليها.
وأما قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 1] فهو تكليفٌ له وللأمة بالثَّبات على التَّقوى والاستتزادة منها، والأمر بالشيء قد يكون لابتدائه وقد يكون للمداومة عليه والاستزادة منه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) جاء في «أسنى المطالب» من كتب الشافعية (4/175): «(والأنبياء معصومون قبل النبوة من الكفر وفي) عصمتهم قبلها من (المعاصي خلاف و) هم معصومون (بعدها من الكبائر) ومن كل ما يزري بالمروءة (وكذا) من (الصغائر) ولو سهوا (عند المحققين) لكرامتهم على الله تعالى أن يصدر عنهم شيء منها وتأولوا الظواهر الواردة فيها وجوز الأكثرون صدورها عنهم سهوا إلا الدالة على الخسة كسرقة لقمة».