صحة حديث إبليس مع الرسول

أريد أن أعلم صحة حديث إبليس مع الرَّسول ﷺ، هل هو حديث صحيح أم ضعيف أم حسن؟ نصُّ الحديث كالآتي: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن ابن عباس ب قال: كنا مع رسول الله ﷺ في بيت رجلٍ من الأنصار في جماعة، فنادى منادٍ: يا أهل المنزل، أتأذنون لي بالدُّخول ولكم إليَّ حاجة؟ قال رسول الله ﷺ: «أَتَعْلَمُونَ مَنِ الْـمُنَادِي؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال رسول الله ﷺ: «هَذَا إِبْلِيسُ اللَّعِينُ لَعَنَهُ اللهُ». فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أتأذن لي يا رسول الله أن أقتله؟ فقال النبيُّ: «مَهْلًا يَا عُمَرُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ مِنَ الْـمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْـمَعْلُومِ، وَلَكِنِ افْتَحُوا لَهُ الْبَابَ؛ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ، فَافْهَمُوا عَنْهُ مَا يَقُولُ وَاسْمَعُوا مِنْهُ مَا يُحَدِّثُكُمْ». قال ابن عباس رضي الله عنه: ففتح له الباب فدخل علينا، فإذا هو شيخ أعور كَوْسجٌ وفي لحيته سبع شَعَراتٍ كشعر الفرس الكبير، وأنيابه خارجةٌ كأنياب الخنزير، وشفتاه كشفتي الثَّور، فقال: السَّلام عليك يا محمد، السَّلام عليكم يا جماعة المسلمين. فقال النبيُّ ﷺ: «السَّلام لله يَا لَعِينُ، قَدْ سَمِعْتُ حَاجَتَكَ مَا هِيَ؟». فقال له إبليس: يا محمد، ما جئتك اختيارًا، ولكن جئتك اضطرارًا. فقال له: «مَا الَّذِي اضْطَرَّكَ لِـهَذَا يَا لَعِينُ؟». فقال: أتاني مَلَكٌ من عند ربِّ العزة فقال: إن اللهَ تعالى يأمرك أن تأتي لمحمدٍ وأنت صاغرٌ ذليل متواضع، وتُخبره كيف مكرُك ببني آدم وكيف إغواؤك لهم، وتَصدُقه في أيِّ شيءٍ يسألك. فوعزَّتي وجلالي، لئن كذبتَه بكذْبةٍ واحدةٍ ولم تصدقه لأجعلنك رمادًا تَذْرُوه الرِّياح، ولأُشمتنَّ الأعداء بك.
وقد جئتُك يا محمد كما أُمِرتُ، فاسأل عما شئتَ، فإن لم أصدقك فيما سألتني عنه شمَّت بي الأعداء، وما شيء أصعب من شماتة الأعداء. فقال رسولُ الله: «إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَخْبِرْنِي: مَنْ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيْكَ؟». فقال: أنت يا محمد أبغض خَلْق الله إليَّ، ومن هو على مَثَلِك. فقال النبيُّ: «مَاذَا تُبْغِضُ أَيْضًا؟». فقال: شابًّا تقيًّا وهب نفسه لله تعالى. قال: «ثُمَّ مَنْ؟». قال: عالم وَرِعٌ. قال: «ثُمَّ مَنْ؟». قال: مَن يدوم على طهارةٍ ثلاثةً. قال: «ثُمَّ مَنْ؟». قال: فقيرٌ صبور، إذا لم يَصِفْ فقرَه لأحدٍ ولم يشكُ ضرَّه.
قال: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ صَبُورٌ؟». قال: يا محمد، إذا شكا ضُرَّه لمخلوقٍ مثله ثلاثةَ أيَّام لم يكتب الله له عمل الصابرين. قال: «ثُمَّ مَنْ؟». قال: غنيٌّ شاكر. فقال النبيُّ: «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ شَكُورٌ». قال: إذا رأيتُه يأخذ من حِلِّه ويضعه في محلِّه. فقال النبيُّ: «كَيْفَ يَكُونُ حَالُكَ إِذَا قَامَتْ أُمَّتِي إِلَى الصَّلاة؟». فقال: يا محمد، تلحقني الحمة والرعدة. قال: «وَلِـمَ يَا لَعِينُ؟». قال: إن العبدَ إذا سجد لله سجدةً رفعه الله درجةً. قال: «فَإِذَا صَامُوا؟». قال: أكون مُقيَّدًا حتى يُفطروا. قال: «فَإِذَا حَجُّوا؟». قال: أكون مجنونًا. قال: «فَإِذَا قَرَءُوا الْقُرْآنَ؟». قال: أذوب كما يذوب الرَّصاص على النار. قال: «فَإِذَا تَصَدَّقُوا؟». قال: فكأنما يأخذ المُتصدِّق المنشارَ فيجعلني قطعتين. فقال له النبيُّ: «وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَبَا مُرَّة». قال: فإن في الصَّدقة أربعَ خصال، وهي: أن اللهَ تعالى يُنزل في ماله البركة، وحبَّبه إليه حياته، ويجعل صدقته حجابًا بينه وبين النار، ويدفع بها عنه العاهات والبلايا.
فقال له النبيُّ: «فَمَا تَقُولُ فِي أَبِي بَكْرٍ؟». فقال: يا محمد، لم يُطِعْني في الجاهلية، فكيف يطيعني في الإسلام؟! قال: «فَمَا تَقُولُ فِي عُمَرَ بْنِ الْـخَطَّابِ؟». قال: والله ما لقيتُه إلا وهربتُ منه. قال: «فَمَا تَقُولُ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ؟». قال: أستحي ممن استحت منه ملائكة الرحمن. قال: «فَمَا تَقُولُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟». قال: ليتني سلمتُ منه رأسًا برأسٍ ويتركني وأتركه، ولكنه لم يفعل ذلك قط.
قال رسول الله: «الْـحَمْدُ لله الَّذِي أَسْعَدَ أُمَّتِي وَأَشْقَاكَ إِلَى يَوْمٍ مَعْلُومٍ». فقال له إبليس اللعين: هيهاتَ هيهات، وأين سعادةُ أُمَّتك وأنا حيٌّ لا أموت إلى يوم معلوم؟ وكيف تفرح على أمتك وأنا أدخل عليهم في مجاري الدَّم واللحم وهم لا يرونني، فوالذي خلقني وأنظرني إلى يوم يُبعثون، لأُغوينَّهم أجمعين، جاهلَهم وعالمهم، وأُمِّيَّهم وقارئهم، وفاجرهم وعابدهم، إلا عبادَ الله المخلصين.
قال: «وَمَنْ هُمْ عِبَادُ الله الْـمُخْلَصِينَ؟». قال: أما علمتَ يا محمد أن من أحبَّ الدِّرهم والدِّينار ليس بمخلص لله تعالى، وإذا رأيت الرجلَ لا يُحب الدرهم والدينار ولا يحب المدح والثناء علمتَ أنه مخلص لله تعالى فتركتُه، وإن العبد ما دام يُحب المال والثَّناء وقلبُه متعلِّقٌ بشهوات الدُّنيا فإنه أطوع ممن أصف لكم، أما علمتَ أن حبَّ المال من أكبر الكبائر، يا محمد أما علمتَ أن حبَّ الرِّياسة من أكبر الكبائر، وأن التَّكبُّر من أكبر الكبائر، يا محمد أما علمت أن لي سبعين ألف ولدٍ، ولكلِّ ولدٍ منهم سبعون ألف شيطان، فمنهم من قد وكَّلتُه بالعلماء، ومنهم قد وكلته بالشَّباب، ومنهم من وكلته بالمشايخ، ومنهم من وكلته بالعجائز، أما الشُّبان فليس بيننا وبينهم خلاف، وأما الصبيان فيلعبون بهم كيف شاءوا.
ومنهم من قد وكلته بالعُبَّاد، ومنهم من قد وكَّلته بالزهاد، فيدخلون عليهم فيُخرجونهم من حالٍ إلى حال، ومن باب إلى باب، حتى يَسُبُّوهم بسببٍ من الأسباب، فآخذ منهم الإخلاصَ، وهم يعبدون الله تعالى بغير إخلاص وما يشعرون.
أما علمت يا محمد أن بِرْصِيصَا الراهب أخلص لله سبعين سنةً كان يُعافي بدعوته كلَّ مَن كان سقيمًا، فلم أتركه حتى زنى وقتل وكفر، وهو الذي ذَكَره الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحشر: 16].
أما علمتَ يا محمد أن الكذبَ مني، وأنا أولُ مَن كذب، ومَن كذب فهو صديقي، ومَن حلف بالله كاذبًا فهو حبيبي. أما علمتَ يا محمد أني حلفتُ لآدم وحوَّاء بالله إني لكما لمن الناصحين، فاليمين الكاذبة سرور قلبي، والغِيبة والنميمة فاكهتي، وشهادة الزُّور قرة عيني وفرحي ورضاي، ومَن حلف بالطَّلاق يُوشك أن يأثم، ولو كان صادقًا حُرِّمت عليه زوجته، ثم لا يزالون يتناسلون إلى يوم القيامة فيكونون كلُّهم أولاد زنًى فيدخلون النار من أجل كلمة.
يا محمد، إن من أمَّتك مَن يؤخر الصَّلاة ساعةً فساعةً، كلما يُريد أن يقوم إلى الصَّلاة لزمتُه فأوسوس له وأقول له: الوقت باقٍ وأنت في شغلٍ. حتى يُؤخِّرها ويُصلِّيَها في غير وقتها، فيُضرب بها في وجهه، فإن هو غلبني أرسلتُ إليه واحدةً من شياطين الإنس تشغله عن وقتها، فإن غلبني في ذلك تركتُه حتى إذا كان في الصَّلاة قلتُ له: انظر يمينًا وشِمالًا. فينظر، فعند ذلك أمسح بيدي على وجهه وأُقبِّل ما بين عينيه وأقول له: قد أتيتَ ما لا يصحُّ أبدًا. وأنت تعلم يا محمد مَن أكثر الالتفاتَ في الصَّلاة يُضرب.
ومن صلَّى وحده أمرتُه بالعجلة، فينقُرها كما ينقر الدِّيك الحبَّة ويُبادر بها، فإن غلبني وصلَّى في الجماعة ألجمتُه بلجامٍ ثم أرفع رأسَه قبل الإمام وأضعه قبل الإمام، وأنت تعلم أن من فعل ذلك بطلت صلاتُه ويمسخ اللهُ رأسه رأسَ حمارٍ يوم القيامة، فإن غلبني في ذلك أمرتُه أن يفرقع أصابعه في الصَّلاة حتى يكون من المسبِّحين لي وهو في الصَّلاة، فإن غلبني في ذلك نفختُ في أنفه حتى يتثاءب وهو في الصَّلاة، فإن لم يضع يدَه على فِيهِ دخل الشَّيطان في جوفه فيزداد بذلك حرصًا في الدُّنيا وحبًّا لها، ويكون سميعًا مطيعًا لنا.
وأيُّ سعادةٍ لأمَّتك وأنا آمر المسكينَ أن يدع الصَّلاة وأقول: ليست عليك صلاةٌ، إنما هي على الذي أنعم الله عليه بالعافية؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾[النور: 61]، وإذا أفقتَ صلَّيت ما عليك. حتى يموت كافرًا، فإذا مات تاركًا للصَّلاة وهو في مرضه لقي الله تعالى وهو غضبان عليه.
يا محمد، إن كنتُ كذبتُ أو زغت فاسألِ اللهَ أن يجعلني رمادًا، يا محمد أتفرح بأمتك وأنا أُخرج سدس أمتك من الإسلام.
فقال النبيُّ: «يَا لَعِينُ، مَنْ جَلِيسُكَ؟». قال: آكِلُ الرِّبا. قال: «فَمَنْ صَدِيقُكَ؟». قال: الزَّاني. قال النبيُّ: «فَمَنْ ضَجِيعُكَ؟». قال: السَّكران. قال: «فَمَنْ ضَيْفُكَ؟». قال: السَّارق. فقال النبيُّ: «فَمَنْ رَسُولُكَ؟». قال: الساحر. فقال النبيُّ: «فَمَنْ قُرَّةُ عَيْنِكَ؟». قال: الحالف بالطَّلاق. فقال النبيُّ: «فَمَنْ حَبِيبُكَ؟». قال: تارك صلاة الجمعة. فقال رسول الله: «يَا لَعِينُ، فَمَا الَّذِي يَكْسِرُ ظَهْرَكَ؟». قال: صهيل الخيل في سبيل الله. فقال النبيُّ: «فَمَا الَّذِي يُذِيبُ جِسْمَكَ يَا لَعِينُ؟». قال: توبة التائب. فقال النبي: «مَا الَّذِي يُنْضِجُ كَبِدَكَ؟». قال: كثرة الاستغفار لله في اللَّيل والنهار. فقال النبيُّ: «فَمَا الَّذِي يُخْزِي وَجْهَكَ؟». قال: صدقة السر. فقال النبي: «فَمَا الَّذِي يَطْمِسُ عَيْنَيْكَ؟». قال:صلاة الفجر. فقال النبي: «فَمَا الَّذِي يَقْمَعُ رَأْسَكَ؟». قال: كثرة الصَّلاة في الجماعة. فقال النبي: «فَمَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ عِنْدَكَ؟». قال: تارك الصَّلاة عامدًا. فقال النبي: «فَأَيُّ النَّاسِ أَشْقَى عِنْدَكَ؟». قال: البخلاء. قال النبي: «فَمَا الَّذِي يَشْغَلُكَ عَنْ عَمَلِكَ؟». قال: مجالس العلماء. فقال النبي: «كَيْفَ تَأْكُلُ؟». قال: بشمالي وبإصبعي. فقال النبي: «فَأَيْنَ تَسْتَظِلُّ أَوْلَادُكَ فِي وَقْتِ الْـحَرُورِ» قال: تحت أظافر الإنسان. فقال النبي: «فَكَمْ سَأَلْتَ رَبَّكَ مِنْ حَاجَةٍ؟». قال: عشرة أشياء. فقال النبيُّ: «فَمَا هِيَ؟». قال: سألتُه أن يشركني في بني آدم في مالهم وولدهم فأشركني فيهم؛ وذلك قوله تعالى: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الإسراء: 64]. وكلُّ مالٍ لا يُزكَّى فإني آكل منه، وآكل من كلِّ طعامٍ خالطه الرِّبا والحرام، وكلِّ مال لا يُتعوَّذ عليه من الشَّيطان الرجيم. وكلُّ مَن لا يتعوَّذ عند الجماع إذا جامع زوجته فإن الشَّيطان يُجامع معه فيأتي الولد سامعًا ومطيعًا، ومَن ركب دابةً يسير عليها في غير طلبِ حلالٍ فإني رفيقُه؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ﴾ [الإسراء: 64].
وسألتُه أن يجعل لي بيتًا فكان الحمام لي بيتًا، وسألتُه أن يجعل لي مسجدًا فكانت الأسواق، وسألتُه أن يجعل لي قرآنًا فكان الشعر، وسألتُه أن يجعل لي ضجيعًا فكان السَّكران، وسألته أن يجعل لي أعوانًا فكان القدريَّة، وسألته أن يجعل لي إخوانًا فكان الذين يُنفقون أموالهم في المعصية. ثم تلا قولَه تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 27].
فقال النبيُّ: «لَوْلَا أَتَيْتَنِي بِتَصْدِيقِ كُلِّ قَوْلٍ بِآيَةٍ مِنْ كِتَابِ الله تَعَالَى مَا صَدَّقْتُكَ». قال: يا محمد، سألتُ اللهَ تعالى أن أرى بني آدم وهم لا يروني فأجراني على عروقهم مجرى الدَّم أجول بنفسي كيف شئتُ، وإن شئتُ في ساعةٍ واحدة. فقال اللهُ تعالى: لك ما سألت. وأنا أفتخر بذلك إلى يوم القيامة.
وإن مَن معي أكثر ممن معك، وأكثرُ ذريةِ آدم معي إلى يوم القيامة، وإن لي ولدًا سمَّيته عَتَمة، يبول في أُذُن العبد إذا نام عن صلاة العَتَمة، ولولا ذلك ما وجد النَّاس نومًا حتى يؤدُّوا الصَّلاة، وإن لي ولدًا سمَّيته المتقاضي، فإذا عمل العبد طاعةً سرًّا وأراد أن يكتمها لا يزال يتقاضى به بين النَّاس حتى يُخبر بها النَّاس فيمحو اللهُ تعالى تسعةً وتسعين ثوابًا من مائة ثواب، وإن لي ولدًا سمَّيته كحيلًا، وهو الذي يكحل عيون النَّاس في مجلس العلماء وعند خطبة الخطيب حتى ينام عند سماع كلام العلماء فلا يُكتب له ثوابٌ أبدًا.
وما من امرأة تخرج إلا قعد شيطانٌ عند مؤخَّرِها وشيطانٌ يقعد في حجرها يُزيِّنها للناظرين، ويقولان لها: أخرجي يدك. فتُخرج يدها ثم تُبرز ظفرها فتهتك.
ثم قال: يا محمد، ليس لي من الإضلال شيء، إنما وَسْواسٌ ومزيِّن، ولو كان الإضلال بيدي ما تركتُ أحدًا على وجه الأرض ممن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولا صائمًا ولا مُصلِّيًا، كما أنه ليس لك من الهداية شيء، بل أنت رسولٌ ومُبلِّغ، ولو كانت بيدك ما تركتَ على وجه الأرض كافرًا، وإنما أنت حجَّة الله تعالى على خلقه، وأنا سببٌ لمن سبقت له الشقاوة، والسعيد من أسعده اللهُ في بطن أمِّه، والشَّقي مَن أشقاه الله في بطن أمه.
فقرأ رسولُ الله قولَ الله تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ فاصل الآيات إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ﴾[هود: 118]، ثم قرأ قولَه تعالى: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: 38].
ثم قال النبيُّ: «يَا أَبَا مرة، هَلْ لَكَ أَنْ تَتُوبَ وَتَرْجِعَ إِلَى الله تَعَالَى وَأَنَا أَضْمَنُ لَكَ الْـجَنَّةَ؟». فقال: يا رسول الله، قد قُضي الأمر وجفَّ القلم بما هو كائنٌ إلى يوم القيامة، فسبحان مَن جعل منك سيد الأنبياء المرسلين، وخطيب أهل الجنة فيها، وخصَّك واصطفاك، وجعلني سيِّد الأشقياء وخطيب أهل النار، وأنا شقيٌّ مطرود، وهذا آخر ما أخبرتُك عنه، وقد صدقتُ فيه. جزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فهذا حديث موضوعٌ مكذوب على رسول الله ﷺ، ودلائل الوضع ظاهرة عليه لا تخفى على من خَبَر أحاديث المصطفى ﷺ، فلا يَجوز نشره، ولا تناقلُه، ولا تَجوز نِسبَتُه إلى رسول الله ﷺ.
فإن مَن نشَرَه كان مِن الكذَّابين على رسول الله ﷺ؛ فقد روى مسلمٌ في «المقدِّمة» قولَ النَّبي ﷺ: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ»(1). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________

(1) أخرجه مسلم في «المقدمة» باب «وجوب الرواية عن الثقات».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الحديث الشريف وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend