وصلتني رسالة من أحد الأصدقاء عبر البريد الإلكتروني جاء في خاتمتها: لا تتردد في نشر هذه الرسالة لتنال الأجر والمثوبة. ونتمنى من فضيلتكم بيان صحة هذه القصة التي جاء فيها:
بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الطواف إذ سمع أعرابيًّا يقول: يا كريم. فقال النبي خلفه: يا كريم. فمضى الأعرابي إلى جهة الـميزاب وقال: يا كريم. فقال النبي خلفه: يا كريم. فالتفت الأعرابي إلى النبي وقال: يا صبيح الوجه، يا رشيق القد، أتهزأ بي لكوني أعرابيًّا؟ والله لولا صباحةُ وجهك، ورشاقة قدك لشكوتك إلى حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فتبسم النبي ﷺ وقال: «أَمَا تَعْرِفُ نَبِيَّكَ يَا أَخَا الْعَرَبِ؟». قال الأعرابي: لا. قال ﷺ: «فَمَا إِيمَانُكَ بِهِ؟» قال: آمنت بنبوته ولم أره، وصدقت برسالته ولم ألقه. قال ﷺ: «يَا أَعْرَابِيُّ! اعْلَمْ أَنِّي نَبِيُّكَ فِي الدُّنْيَا وَشَفِيعُكَ فِي الْآخِرَةِ». فأقبل الأعرابي يقبِّل يد النبي ﷺ. فقال النبي: «مَهْ يَا أَخَا الْعَرَبِ تَفْعَلُ بِي كَمَا تَفْعَلُ الْأَعَاجِمُ بِمُلُوكِهَا؟! فَإِنَّ اللهَ بَعَثَنِي لَا مُتَكَبِّرًا، وَلَا مُتَجَبِّرًا، بَلْ بَعَثَنِي بِالْـحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا». فهبط جبريل على النبي وقال له: يا محمد السلام يقرئك السلام، ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك: قل للأعرابي: لا يغرنه حلمنا، ولا كرمنا، فغدًا نحاسبه على القليل والكثير والفَتيل والقِطمير، فقال الأعرابي: أويحاسبني ربي يا رسول الله؟ قال ﷺ: «نَعَمْ يُحَاسِبُكَ إِنْ شَاءَ». فقال الأعرابي: وعزتِه وجلالِه إن حاسبني لأحاسبنه. فقال النبي ﷺ: «وَعَلَى مَاذَا تُحَاسِبُ رَبَّكَ يَا أَخَا الْعَرَبِ؟» قال الأعرابي: إن حاسبني ربي على ذنبي حاسبته على مغفرته، وإن حاسبني على معصيتي حاسبته على عفوه، وإن حاسبني على بخلي حاسبته على كرمه. فبكى النبي ﷺ حتى ابتلت لـحيته، فهبط جبريل وقال: يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد قلِّل من بكائك فقد ألـهَيْتَ حملة العرش عن تسبيحهم، وقل لأخيك الأعرابي: لا يحاسبنا ولا نحاسبه؛ فإنه رفيقك في الـجنة… اهـ. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد.
وختامًا: ما مدى صدق هذه القصة؟ أفيدونا مأجورين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذه القصة من الموضوعات، ومتنها فواح بذلك، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك، فلا أصل له. والحديث الموضوع لا يحل لأحد روايته منسوبًا إلى رسول الله ﷺ مع علمه بوضعه، وذلك لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مسلم في مقدمة «صحيحه» باب «وجوب الرواية عن الثقات».