أريد من سيادتكم تفسير حديث: «تُنْكَحُ الْـمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ» تفسيرًا مفصلًا.
لعلم فضيلتكم، أنا مُقبِلٌ على الزَّواج، وأريد أن أنتهج سنة رسولنا الكريم ﷺ في اختيار الزَّوجة الصالحة، فما أريده هو فهم الحديث فهمًا جيدًا؛ لأتصرف بناء على تفسير فضيلتكم. وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فهذا الحديث رواه البخاريُّ ومسلمٌ، كما رواه أصحاب السنن(1).
ومعناه في الجملة: أن عادةَ النَّاس قد جرت على الرَّغبة في المرأة واختيارها للنكاح لإحدى خصالٍ، وهي: الجمال، والمال، والحسب، والدين.
وإن اللائق بذوي المروءات وأرباب الدِّيانات أن يكون الدِّينُ مَطْمح نظرِهم فيما يأتون ويذرون؛ فلذلك حث النَّبيُّ ﷺ على الظَّفَر بذات الدين، وأكَّد على ذلك أبلغ تأكيد عندما قال: «فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». ومعنى هذه الكلمة في الأصل: لُصقت يداك بالتُّراب من شدة الفقر إن لم تفعل، ولكن العرب أصبحت تستعمل هذا التَّعبير لمعانٍ أُخَر، كالمعاتبة والإنكار وتعظيم الأمر والحثِّ على الشَّيء، وهذا هو المراد منها في هذا المقام.
والحثُّ على الظَّفَر بذات الدِّين لا يعني تجريم ما تهفو إليه النَّفس البشريَّة من محبَّة الحسن والرَّغبة في الجمال. ولكن ينبغي أن يكون الدِّين في المقام الأول، وأن يكون البحث عمَّن تَسُرُّ النَّاظر إليها في إطار ذوات الدين. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، والله تعالى أعلم.
______________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «الأكفاء في الدين» حديث (5090)، ومسلم في كتاب «الرضاع» باب «استحباب نكاح ذات الدين» حديث (1466) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .