القول بأن النبي ﷺ عوتب في عفوه عن أهل مكة

قال لي بعض الأشخاص: إن الله عاتب الرسول صل الله عليه وسلم عندما قال: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»(1) ولم يعاقبهم، ولكني لا أعتقد ذلك؛ لأن ديننا دين سماحة ورحمة, فما مدى صحة ذلك؟ وهل هناك في القرآن مواضع لعتابِ الله الرسولَ الكريم ﷺ؟ جزاكم الله خيرًا.

_______________

(1) «السيرة النبوية» (5/74).

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا نعلم أن الله قد عاتب نبيه على قوله: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»، بل عاتبه في مواضع أخرى، كعدم إقباله على ابن أم مكتوم، فنزل في ذلك قول الله جل وعلا: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى *  أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى *  وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى *  أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى *  أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى *  فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى *  وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى *  وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى *  وَهُوَ يَخْشَى *  فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى﴾ [عبس: 1 – 10].
وكعتابه له على تحريم العسل أو مارية على نفسه، فنزل في ذلك قول الله جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [التحريم: 1] وكما جاء في حديث عائشة ل قالت: كان رسول الله ﷺ يشرب عسلًا عند زينب بنت جحش، ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير. قال: «لَا، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لَا تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا»(1)، ولكن لا أعلم أنه عوتب في عفوه عن أهل مكة. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري (4912)، ومسلم (1474).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الحديث الشريف وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend