تخفيف العذاب عن أبي لهب لإعتاقه ثويبة مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم

الله يبارك في عمرك وعلمك يا شيخنا الجليل.
السُّؤال هو: هل صَحَّ أن العذاب يُخفَّف عن أبي لهب كلَّ يوم إثنين؟ وهل أعتق ثويبة حين وُلد الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- لذلك يُخفَّف العذاب؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد ثبت أن ثويبة أرضعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسم.
أمَّا قضيَّة تخفيف العذاب عنه فقد جاءت في رؤيا مناميَّة والرؤى المنامية لغير الأنبياء لا تثبت بها أحكامٌ شرعيَّة.
فقد جاء من طريق عروة بن الزُّبَير أن زينب ابنة أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أنها قالت: يا رسول الله، أنكح أختي بنت أبي سفيان… وفيه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسم قال: «أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ». قال عروة: وثويبة مولاةٌ لأبي لهب، وكان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسم، فلما مات أبو لهب أُرِيَه بعضُ أهله بشرِّ حيبةٍ قال له: ماذا لقيتَ؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم غير أني سُقِيت في هذه بعتاقتي ثويبة(1).
قال ابن حجر في شرحه لهذا الحديث على قوله (لم ألقَ بعدكم غير أني سقيت في هذه): «ووقع في رواية عبد الرزاق المذكور: وأشار بيده إلى النُّقرة التي تحت إبهامه. وفي رواية الإسماعيلي المذكورة: وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع. ومعنى قوله (شر حيبة) أي: شر حالة»(2).
وجاء في «الاكتفاء بما تضمَّنه من مغازي المصطفى»: «أن العباس قال: مكثتُ حولًا بعد موت أبي لهب لا أراه في نوم، ثم رأيته في شرِّ حالٍ، فقال: ما لقيتُ بعدكم راحةً إلا أن العذاب يُخفَّف عني كلَّ يوم إثنين؛ وذلك أن رسولَ الله صلى الله عليه وسم وُلد يوم الإثنين، فبشَّرت أبا لهب بمولده ثويبةُ مولاته، فقالت له: أشعرت أن آمنة ولدت غلامًا لأخيك عبد الله. فقال: اذهبي، فأنت حرَّة. فنفعه ذلك وهو في النَّار»(3).
وانظر مثله في «الروض الأنف»(4).
ويَعسُر الاحتجاج بهذين الأثرين لأمور، منها:
• انقطاع السند بين عروة وثويبة؛ فقد أورده البخاري مُعلَّقًا من كلام عروة؛ ولهذا قال ابن حجر في «الفتح» بأن الخبر مرسل، أرسله عروة، ولم يذكر من حدَّثه به(5).
• أن الخبرَ رؤيا منام، والشَّرع كما هو معلوم لا يثبت فيه التَّكْليف بالرؤيا المناميَّة إلا أن تكن رؤيا نبيٍّ من الأنبياء، فرؤيا الأنبياء حقٌّ، أو رؤيا بنى عليها النَّبيُّ ﷺ حكمًا كرؤيا الأذان، قال ابن حجر: «وعلى تقدير أن يكونَ موصولًا فالذي في الخبر رؤيا منام، فلا حجَّة فيه»(6).
• في الأثر الأخير تصريح بأن صاحب الرؤيا هو العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، رآها حال كونه كافرًا، ورؤيا الكافر لا يُحتجُّ بها إجماعًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) سبق تخريجه 5101.
(2) «فتح الباري» (9/145).
(3) «الاكتفاء بما تضمَّنه من مغازي المصطفى» (2/33).
(4) «الروض الأنف» للسهيلي (3/96).
(5) «فتح الباري» (9/145).
(6) «فتح الباري» (9/145).

تاريخ النشر : 13 أغسطس, 2017
التصنيفات الموضوعية:   08 التاريخ والسير

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend