هل يُعذر المكرهُ مطلقًا؟ وكذا الذي يقول: لو كنت في تلك الحالة لفعلتُ، ولو قالها جهرًا أو في نفسه؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مسائلَ الإكراه من المسائل الدَّقيقة المتشعبة، وإن الحديثَ فيها ذو شجون، وصفوة القول فيها ما يلي:
الإكراه: شرعًا حمل الغير على تصرُّفٍ لا يُريده ولا يرضاه. والشُّروط التي يتحقَّق بها الإكراه المعفوُّ عن فاعله هي:
1- قدرة المكرِه (بكسر الراء) على إيقاع ما هدَّد به.
2- خوف المكرَه (بالفتح) من إيقاع ما هُدِّد به.
3- أن يكونَ ما هُدِّد به قتلًا أو إتلاف عضوٍ، وما في حكم ذلك مما يوجب غمًّا يعدم الرضا.
4- أن يكونَ المكرَه ممتنعًا عن الفعل المُكرَه عليه لولا الإكراه.
5- أن يكونَ محلُّ الفعل المكرَه عليه متعينًا.
6- ألا يكون للمكرَه مندوحة عن الفعل المكره عليه.
فإن تحقَّقت هذه الشُّروط كان الإكراهُ معتبرًا، وترتفع به مسئوليَّة المكرَه عن الفعل الذي باشره تحت وطأة الإكراه.
أما قولك لو كنت في هذه الحالة لفعلت كذا، إن كنت تقصد بها النصيحة لنفسك أو لغيرك فلا حرج، أما إن قصدت بها غيبةَ الغير أو تزكية النفس فقد علمت حكم الغيبة أو الاغترار بالنفس وتزكيتها! فقد قال ربك جل وعلا في الأولى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات: 12]، وقال في الثانية: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: 32].
وننصحك أيُّها الحبيب بمراجعة مسائل هذا الباب في أحد كتب الأصول، ونَسْألُ اللهَ لنا ولك التَّوفيق، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.