في ظل الخلافات القائمة بين المشايخ هذه الأيام، وتعدُّد المسميات التي ينتمي إليها المشايخ، هل يجوز للفرد أن يتَّخذ شيخًا معينًا أو هيئة علميةً معينة كمرجعية دينية، ويلتزم برأي هذه المرجعية فقط ولا يلتفت لغيرها؛ تجنبًا للخلافات بين المشايخ؟ جزاكم الله خيرًا، وزادكم علمًا وفضلًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من رحمة الله جل وعلا بعباده، وتوسعته عليهم، أنه لم يتعبَّدْهم باتباع شخص بعينه بعدَ الرسول صلى الله عليه وسلم، بل تعبدهم بسؤال أهلِ الذكر إن كانوا لا يعلمون، فإذا نزلت بأحدٍ منهم نازلةٌ رفعها إلى من يثقُ في علمه ودينه من أهل الفتوى، ويتبعه، وإذا تعددت المرجعيات العلمية، كان فرضُه اتباعَ الأعلم والأورع، حسب اجتهاده، ويعرف ذلك بالشُّيُوع والاستفاضة، ولا يجوز له تتبُّع الرخص، والجري وراء الزلات والمشتهرات من المسائل.
وإذا غلب على ظنه أن جهةً من الجهات أولى بالصواب من غيرها؛ لما عُرفت به من تحرِّيها، وتدقيقها في الأدلة، واجتنابها للهَوى، وعدم مشايعتها لأهل الباطل على باطلهم بقول أو عمل، فلا بأس باتباعها على هذا الأساس.
وصفوة القول أن مقصوده اتباع النبي صلى الله عليه وسلم. وأولى الجهات برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقربها إلى اتباع هديه، هي أولى الجهات بالمتابعة، ويعرف ذلك بالشيوع والاستفاضة. والله تعالى أعلى وأعلم.