هل مسمى الضرورة بمعنى المشقة؟ وبما أن المشقة لا تنضبط إلا بالتقريب من قواعد الشرع، فما هي بالتقريب ضوابط المشقة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن من القواعد الفقهية أن «المشقَّة تجلبُ التَّيسِيرَ» وأن «الأَمْرَ إذا ضَاقَ اتَّسَعَ»، وقد ضبط السيوطي : المشقَّة التي تجلبُ التيسير فقال: المشاق على قسمين:
مشقةٌ لا تنفكُ عنها العبادة غالبًا: كمشقة البرد في الوضوء والغُسل، ومشقة الصوم في شدة الحَرِّ وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها، ومشقة ألم الحدود، ورجم الزناة، وقتل الجُناة، فلا أثر لهذه في إسقاط العبادات في كل الأوقات.
وأما المشقة التي تنفك عنها العبادات غالبًا فعلى مراتب:
الأولى: مشقة عظيمة فادحة، كمشقة الخوف على النفوس والأطراف ومنافع الأعضاء؛ فهي موجبة للتخفيف والترخيص قطعًا.
الثانية: مشقة خفيفة لا وقع لها، كأدنى وجعٍ في إصبع، وأدنى صداع في الرأس، أو سوء مزاج خفيف؛ فهذه لا أثر لها، ولا التفات إليها.
الثالثة: متوسطة بين هاتين المرتبتين؛ فما دنا من المرتبة العليا أوجب التخفيف، أو من الدنيا لم يوجبه: كحُمَّى خفيفة، ووجع الضرس اليسير. وما تردد في إلحاقه بأيهما اختلف فيه، ولا ضبط لهذه المراتب إلا بالتقريب(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) «الأشباه والنظائر»: (80، 81).