اتباع أوامر الشيخ والإفضاء له

أرجو الإفادةَ منكم في هذا الموضوع: ما معنى أن يَقُصَّ المسلمُ للشيخ ما في باطنه ويتبع أوامره؟ وأن يتبع الشَّيخ ما أتى في صورة الكهف والالتزام بما نصَّ فيها؟ كنتُ قد قرأت هذا في كتاب «إحياء علوم الدِّين» للإمام الغزالي، الرجاء التَّوْضيح بالتَّفْصيل، وجزاكم اللهُ كلَّ الخير.
ثانيًا: كنتُ في قيلولةٍ واستيقظت منها وفي داخلي خوفٌ رهيب من إحساسٍ غريب ارتابني، وهو أنني تخيَّلتُ نفسي في قبرٍ وضاقت عليَّ نفسي وبدأت في البكاء والدُّعاء ليُنجيني اللهُ من عذاب القبر، ومن بعد ذلك اليوم أصبحتِ الدُّنْيا وما فيها لا تعني لي شيئًا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المسلمَ يُطيع من يُطيع من العلماء والولاة في حدود طاعة الله عز و جل ، فليس لأحدٍ من البشر طاعةٌ مطلقة إلا رسول الله ﷺ، وكلُّ النَّاس بعده يُؤخذ من قوله ويُترك، ولا عصمة لأحدٍ من البشر إلا للأنبياء والمرسلين، ولا يلزمه أن يُفضي لأحدٍ من النَّاس بدخيلة نفسه، بل ينبغي عليه إن عصى ربَّه ألا يُفشي أمره، وألا يهتك ستر الله عليه، وما جاء في كتاب «إحياء علوم الدِّين» من هذا القبيل يحتاج إلى مراجعةٍ وتدقيق.
ومن زعم أنه يلزمه أن يكونَ مع شيخه كما كان موسى مع الخضر فقد غلط؛ لأن الخَضِر لم يكن مُكلَّفًا باتِّباع موسى، ولم يكن موسى مُرسَلًا إلى الخضر، ولا طريق لأحدٍ إلى الجَنَّة بعد بعثة محمد ﷺ إلا من خلال اتِّباع نبيِّه ﷺ، وألا يكون في صدره حرجٌ مما جاء به.
وأما ما رأيتَه من رؤيا مناميَّة وكانت سببًا في إقبالك على ربِّك وزهادتك في الدُّنْيا لعلها نذيرٌ ساقه الله إليك ليَرُدَّك إليه، فاجمع قلبك على ربِّك، واجمع هِمَّتك على عبادته، وابتغِ فيما آتاك الله الدَّار الآخرة، ولا تنسَ نصيبك من الدُّنْيا، وأحسن كما أحسن الله إليك(1).
أسأل اللهَ أن يَرُدَّك إليه ردًّا جميلًا، وأن يحملك في أحمد الأمور عنده وأجملها عاقبة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) قال تعالى:﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص: 77].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   04 أصول الفقه وقواعده

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend