نُحِبُّك في الله يا دكتور صلاح، ولقد استفدت كثيرًا من فتاوى فضيلتكم، زداكم الله علمًا وقبولًا.
وسؤالي هو: ما الفرق بين الإسراف والتبذير؟ وما هو الضَّابط في هذه المسألة؛ لأن كثيرًا من النَّاس المقتدرين يشتري تُحَفًا ومفروشات للبيت غالية جدًّا ويقال لهم: إن هذا إضاعة للمال، هذا إسراف. فهل هذا صحيح؟ وما الضَّابط في المسألة؟ وكيف يكون مع قول النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ»(1)؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
_________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء أن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» حديث (2819)، والحاكم في «مستدركه» (4/150) حديث (7188). من حديث عبد الله بن عمر ب، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الإسرافَ هو الإنفاق في المحظورات، أو تجاوز الحدِّ في الإنفاق في المباحات، فلو أنفقتَ درهمًا واحدًا في معصية الله فهذا إسرافٌ، وإن تجاوزت الحدَّ في الإنفاق في المباحات فذلك إسرافٌ.
إلا أن هذه الثَّانية نسبيَّة، ومعيارها يتفاوت من حالٍ إلى حال، فما يُعَدُّ إسرافًا في بعض البيئات لا يعد كذلك في بيئةٍ أخرى أو في مستوى اقتصاديٍّ آخر، وما يكون من استدراك في هذا المجال يكون على سبيل النُّصح والموعظة، ويُترك تقديره إلى ديانةِ أصحابه، ولا ينبغي أن نُعوِّد أنفسنا على أن نَمُدَّ أعيننا إلى الآخرين وأن نتشوَّف إلى ما متَّعهم الله به من زهرة الحياة الدُّنْيا(1)، وإن كان ذلك تحت ستار النُّصح والإنكار على المسرفين والمبذرين. ونسأل اللهَ التَّوفيق للجميع. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) قال تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].