سيدي الشيخ بعد السلام والتحية، أنا فتاة أبلغ من العمر 33 عامًا، تواجهني مشكلة منذ مدة طويلة أريد أن أعرف رأي الدين فيها، وهي أنني كأي فتاة يتقدم لها من يريد الزواج منها، وفي كل مرة يتقدم لي أحد أصاب بحالة من الضيق الشديد مع إحساس أن هذا الموضوع سينتهي حتمًا بالفشل، ورغم مواظبتي في كل مرة على صلاة الاستخارة أجد هذه الحالة تتزايد لدرجة أني غالبًا أجد نفسي لا أطيق النظر لهذا الخطيب، وفي مرات أخرى قليلة حين أشعر ببعض الارتياح والقبول للخطيب ينتهي الموضوع بسبب خارج عن إرادتي، سيدي الشيخ في كل مرة أرفض من يتقدم لي بسبب هذا الضيق، وأقول: في المرة القادمة سيرزقني الله من أرتاح له، ولكن سبحان الله يتكرر نفس الإحساس ولا أجد الارتياح أو حتى مجرد القبول، وإن حدث بعض الارتياح ينتهي الموضوع، والله لا أعرف ماذا أفعل، فأنا كأي فتاة أريد أن أستقر وأرسو على بر، كما يقولون عندنا بالمصري، لا أعرف حلًّا لهذه الحالة، صليت كثيرًا صلاة الحاجة، وقرأت آيات لفك السحر إذا كان بي سِحر، وأواظب على قراءة القرآن يوميًّا وأصلي كل صلاة في وقتها، ودعوت الله كثيرًا ولسنوات طويلة أن يرفع عني هذا الكرب؛ ولكن الحال كما هي، لم تتغير سيدي الشيخ، أنا الآن متقدم لي أحد الأشخاص مواصفاته الظاهرية جيدة، ولا أعرف شيئًا عن خلقه أو تدينه إلا بالسمع ممن كان سببًا بمعرفتي به، سبحان الله تتكرر نفس الحالة، وأشعر بنفس الضيق، وهنا أريد رأي الدين:
1- هل يوجد أدعية أو أذكار أو آيات قرآن لأتغلب على هذه الحالة، والله أنا لا أريد إلا القبول.
2- أنا الآن أصلي صلاة الاستخارة باستمرار، وبالرغم من ذلك تتزايد نفس حالة الضيق مثل كل مرة، ماذا أفعل هل أستمر في الموضوع أم أرفض؟ وإن استمررت فهل هذا يعتبر ظلمًا للخطيب.
3- أهلي يضغطون عليَّ بشدة لأقبل هذا الخطيب، فهل يجوز أن أتزوجه إرضاء لأبي وأمي بغض النظر عما بداخلي.
4- ما تفسير ما أنا فيه، هل هو سحر أو عمل؟ علمًا بأني قمت بقراءة كل آيات السحر، ولكن لا فائدة، سيدي الشيخ آسفة على الإطالة، أنا في مشكلة حقيقية، العمر يجري، ولا أجد حلًّا، وأتمنى من كل قلبي أن أجد حلًّا جذريًّا، شكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
بعد اتخاذ الخطوات الشرعية المعهودة في مثل هذه الحالات من الدعاء والضراعة إلى الله عز و جل والتخلص من الذنوب والمعاصي الظاهرة والباطنة يمكنك عرض نفسك على أحد المتخصِّصين في علاج السحر والحسد من أهل السنة ممن عُرِفُوا بسلامة المنهج وصحة المعتقد، فإن لم يتيسر حل على يده، فاذكري أن الله جل وعلا إذا أحب عبدًا ابتلاه(1)، وأن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتَلى المرءُ على قدر دينه، فواصلي مسيرة الصبر والدعاء والضراعة والاستغفار، وأبشري بفرج قريبٍ، فكلما اشتدت ظلمة الليل كلما اقتربت خيوط الفجر يا بنيتي. وعَجِب ربك من قنوط عباده وقرب فرجه، ينظر إليكم أذلَّاء قانطين، فيظل يضحك، يعلم أن فرجكم قريب.
كما أرجو أن تستيقني أن كل ما يصيب المؤمن فهو خير له، سواء أكان من قبيل السراء أم كان من قبيل الضراء، ولله على عباده عبودية الشكر في الأولى وعبودية الصبر في الثانية.
ولا أرى لك أن تقدمي على زواج وأنت تستشعرين هذا الضيق الذي يملأ أقطار نفسك، إلى أن يجعل الله لك فرجًا ومخرجًا، ولا أرى في هذا ظلمًا، لا للخاطب ولا للأهل، فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه ابن السري في «الزهد» (1/239) حديث (405)، وأبو منصور الديملي في «مسند الفردوس» (1/251) حديث (970)، بلفظ: «إذا أحب الله عبدًا ابتلاه ليسمع تضرعه» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «السلسلة الضعيفة» حديث (2202)، ولكن هذا المعنى موجود في أحاديث صحيحة.