ما حكم أن أغتاب أشخاصًا هم من أقاربي لأنهم يفعلون أمورًا حرامًا أو عيبًا، وعند رؤيتهم أسلم عليهم وأستقبلهم جيدًا كأن شيئًا لم يكن؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الغيبة ذكرك أخاك بما يكره بما هو فيه، فإن افتريت عليه أمورًا ليست فيه فذلك البهتان وهو أغلظ إثمًا وأقبح جرمًا.
والواجب عليك إن رأيت أمورًا محرمة سواء لدى أقاربك أم لدى غيرهم أن تنصح لهم لله عز و جل ، وأن يكون ذلك سرًّا، فإن النصيحة في السر أعون على القبول وأبعد عن الرياء والتعيير والتشهير، فإن قبل منك فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإن كانت الأخرى فلا تيئس بل واصل نصحك له وتذكيرك إياه وكف لسانك عن غيبته، فإن استيئست منه وكان مجاهرًا بالمعصية فلا حرمة له فيما جاهر به، وإن كان الأوْلَى كف لسانك عنه والدعاء له.
أما بشاشتك له عند اللقاء فينبغي أن يُنظر:
فإن كان إعراضك عنه أو تقطيبك في وجهه أدعى إلى انزجاره وانكفافه عن معصيته فلتفعل ذلك محتسبًا أجرك على الله عز و جل ، وإن كنت لا ترجو من وراء ذلك خيرًا له في دينه ولا انزجارًا له عن معصيته وكان إعراضك عنه مفضيًا إلى مفاسد أكبر، فلا حرج في بشاشتك عند اللقاء. وقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على ذلك فإن النبي ﷺ لما استأذن عليه رجل قال: «ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ، أو ابْنُ الْعَشِيرَةِ». فلما دخل ألانَ له الكلام. قالت عائشة ل: قلت: يا رسول الله، قلتَ الذي قلت، ثم ألنت له الكلام. قال: «أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ- أو وَدَعَهُ النَّاسُ- اتَّقَاءَ فُحْشِهِ»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «المداراة مع الناس» حديث (6131)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «مداراة من يتقي فحشه» حديث (2591).