ما هو عقوق الآباء للأبناء؟ وهل إذا كان الأهلُ يُفرِّقون في المعاملة بين الأبناء لدرجة هَدْم بيت الزَّوجية بتصرُّفاتهم، هل لي أن أبعد عنهم بعضَ الشيء؟ لدرجة أن زوجتي ولدت مبكرًا عن موعدها وأصابها أمراضٌ معدية وقولون بسبب ما عانته منهم وهم لا يشعرون بما فعلوا، وأنا أعاني بين الاثنين، ومما جعلني أغضب بشدة أن أهلي عاملوا زوجتي معاملة سيئة عندما جلست عندهم شهرًا في أثناء الحمل، وأمي كانت لا تأكل معها بل تأكل بعدها دائمًا، وفوجئت بأن أبي كان يدخل عليها الغرفةَ وهي نائمةٌ لدرجة أنه قبَّلها في فمها.
أنا غضبت جدًّا منهم، وأبي يقول لي: إنه سيغضب عليَّ لأني لا أتَّصل بهم مثلما كنت أفعل من قبل، بالإضافة إلى ذلك فأنا مُهدَّد من أهل زوجتي بأنني إذا رجعت كما كنت لأهلي فإنهم سوف يفضحوني ويفضحون أهلي ويفصلوني من عملي، مع العلم أنني لا أملك شيئًا مُدَّخرًا وعندي طفلان، مع العلم أن زوجتي قالت لي: إنها لا تحرمني من أهلي، ولكن يجب ألا أتعامل بسذاجة كما كنتُ ويكفي أن أزورهم مرة أسبوعيًّا، وأنا أعمل خارج البلاد؟ أرجو الإفادة في هذا الموقف.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا شك أن الظلمَ قبيحٌ، سواء أكان من الآباء أم من غيرهم، ولا يخفى أن للأبناء حقوقًا قِبل الآباء كما أن للآباء حقوقًا قِبل الأبناء، ولكن يبقى واجبُ البِرِّ بالآباء والإحسان إليهم ومصاحبتهم بالمعروف قائمًا في جميع الأحوال، وليس من البرِّ الواجب مساكنتهم في نفس المسكن، إلا إذا كانوا في حالة صحيَّة تقتضي هذه المساكنة، أما ما سوى ذلك فإن الأمرَ في ذلك يدور مع المصلحة، فإذا كانت مساكنتُهم تقتضي شيئًا من الاحتقان في علاقة زوجك بأبويك فقد يكون الخيرُ في المباعدة في السكن، وحيثما سكنتَ فإن واجبَ البرِّ بهم قائمٌ ومحتوم، فهوِّن عليك، وأحسِنْ إلى والديك، وعاشر زوجتك بالمعروف. ونسأل اللهَ لنا ولك التَّوْفيق. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.