لدينا مشكلة مع ابن أخي، الذي تربى في أمريكا ونشأ على حب الله ورسوله، وقد وُلد خلوقًا مُهذَّبًا متفوقًا في دراسته، مرَّ بمرحلة المراهقة يحفظ في كتاب الله ويدرس الأحاديث ويحضر الندوات الإسلامية.
الجالية كانت تتمنى أن يكون صديقًا لأولادهم، الجميع يحسد أمه عليه، ولكن بعد دخوله الجامعة تعرَّف على فتاة مسلمة تكبره بعام، وبعد الحوار وافق أهله على الارتباط بُغْية تركيزه على دراسته.
والآن بعد مرور حوالي السنة على الخطوبة انقلب الولد إلى عدوٍّ لأهله، يُبغض أمه وأباه، ويتعدى عليهما بالشتم، ويدَّعي أن أهل المخطوبة يقولون له: إن أمه تتكلم عليهم، وليس هناك أي أصل للموضوع، وأمه ستُجَنُّ، وحاول الجميع التدخل ولكنه انقلب من ولدٍ مُطيع إلى إنسان غريب الأطوار.
لن أُطيل، ولكن سؤالي: هل هذا من العين أو الحسد أم السحر؟ وهل من طريقة لمعرفة السبب حتى يتسنَّى لنا قراءة الآيات والأدعية اللازمة؟
أسأل الله له الهداية، وأرجو منك الدعاء له.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله جل وعلا أن يمسح عليه بيمينه الشافية، وأن يجمع له بين الأجر والعافية.
وما ذكرته من العين أو السحر كلُّ ذلك محتملٌ، ويوجد من أهل العلم من تخصَّص في تشخيص هذه الحالات ومعالجتها بالرقى المشروعة، فالتمس له علاجًا مشروعًا عند هؤلاء.
ولكن ينبغي أن تبحثوا قبل ذلك في الأسباب العادية التي قلبته هذا الانقلاب الحاد المفاجئ، هل كان ذلك بسبب رفقة السوء؟ هل كان ذلك بسبب انقطاعه عن الجالية المسلمة التي تعوَّد أن يدرج بينها؟ هل كان ذلك بسبب البيئة الجامعية الملوثة؟
فتِّشوا في كل ذلك، وثقوا في رحمة الله عز و جل ، وأخلصوا له الدعاء، وتحرَّوْا في دعائكم أوقات الإجابة، واصبروا أنفسكم على هذه المحنة فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب(1).
|
ومرة أخرى نسأل الله جل وعلا أن يمسح عليه بيمينه الشافية، وأن يجمع له بين الأجر والعافية. الله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10].
(2) هذا البيت لمحمد بن حازم الباهلي من شعراء الدولة العباسية. مات ببغداد سنة 215 هـ، والبيت من بحر البسيط.