هلكت، أهلكتني الذُّنُوب والمعاصي. أستحلفك بالله أن تدعوَ لي بإلحاحٍ بقبول التَّوْبة والعِصْمة كل العِصْمة من الذُّنُوب، كل الذُّنُوب، عسى أن يقبلني الله؛ حيث إنني مكتئبٌ بشدة بسبب هذا الأمر، حزين للغاية كلَّ الحزن بسبب عدم معرفتي لقبولى التَّوْبة، والله إنني لأشعر بأنني قد كفرت بالله وأنني أنا المنافق، وأنني حقير للغاية، ولا ريب ضاق صدري، أَيِستُ من نفسي لا من الله، فأنا الضعيف كلَّ الضعف. هلكت؛ أهلكتني الذُّنُوب والمعاصي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الخوفَ من الذُّنُوب دلالةٌ على بقية من العافية في الدِّينِ، وبقية من الحياة في القلب، وقد قال تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: 46]. وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 40- 41].
أمَّا أن يبلغ الخوف مبلغ اليَأْس من رَوْح الله والقنوط من رحمته فهذا استدراجٌ من الشَّيطان؛ فإنه لا يقنط من رحمة ربه إلا الضالُّون، ولا ييئس من رَوح الله إلا القوم الكافرون؛ قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53].
فأَحسِن الظَّنَّ يا بني بربِّك، ولا تقنط من رحمته ولا تيئس من رَوحه، واعلم أنه أرحمُ بعباده من آبائهم وأمهاتهم، وأن رحمتَه وسعت كلَّ شيءٍ، وأنها تسبق غضبَه، فأحسن التَّوْبةَ وأحسن العملَ وأحسن الظَّنَّ في خالقك.
ونسأل اللهَ لنا ولك العافية، وأن يتقبَّل توبتك، وأن يغسل حوبتك، وأن يُسبغ عليك نِعَمه ظاهرةً وباطنة، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.