ما حُكم اللُّقَطة، أي: الشيء الذي أجدُه في الشارع؟ وما المدة التي يجب أن انتظرها؟ وكيف التعامل معها؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن اللقطةَ مالٌ محترَم، غير محرَزٍ، لا يَعرِف الواجدُ مستحقَّه، وقد أوجبت الشريعةُ على الملتقِط التعريفَ باللقطة، وذلك بإشاعة الخبر في الناس بها، ويكون ذلك في مكانِ التقاطها وما حولَه في مجامع الناسِ، كالأسواق وأبواب المساجد ونحوها؛ حتى يُمكِنَ وصولُ عِلمِها إلى صاحبها، ويمتد هذا التعريفُ إلى سنةٍ مِن تاريخ التقاطِها؛ لحديث زيدِ بن خالد الجهنيِّ: أن رجلًا سأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة؟ فقال: «عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ اسْتَنْفِقْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» قال: يا رسول الله، فضالَّة الغنم؟ قال: «خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» قال: يا رسول الله، فضالَّة الإبل؟ قال: فغَضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرَّت وجنتاه- أو احمرَّ وجهُه- ثم قال: «مَا لَكَ وَلَـهَا، مَعَهَا حِذَاؤُهَا وَسِقَاؤُهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا»(1).
ثم بعد السَّنةِ تُملَك بنيةِ الضمان لصاحبها متى جاء، هذا إذا كانت اللقطةُ مما تَلتفِت إليه همةُ أوساطِ الناس، أما الشيءُ التافهُ الذي لا تَلتفِت إليه همةُ أوساطِ الناس فلا يحتاج إلى تعريف؛ لما روي بسند ضعيف- وقد حسَّنه بعضهم- عن جابر قال: «رخَّص لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به(2).
وقد رُوِيَ تعريفُه لمدةِ ثلاثةِ أيامٍ أو ستةٍ، بحسَب تعلُّقِ هممِ أصحابه به(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) أخرجه مسلم.
(2) أخرجه أبو داود في كتاب «اللقطة» باب «التعريف باللقطة» حديث (1717)، وضعفه الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (1717).
(3) انظر «فتح الباري» (5/85).