التوبة من مداعبة أجنبية

وقعتُ في ذنبٍ كبيرٍ وخرجت برفقة فتاة وحدثت بعض المداعبات السطحية، وأنا الآن نادم أشدَّ الندم وأريد التوبة فكيف أتوب؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فصلوات الله على من قال: «لَا يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا»(1)، أما وقد كان ما كان، فلا يزال طريق التوبة مفتوحًا؛ فإن للتوبة بابًا فتحه الله عز وجل، ولا يستطيع أحد من البشَرِ أن يُغلقه إلى أن تطلع الشمس من مغربها(2). وإن ابن آدم لو جاء بقراب الأرض خطايا ثم أتى ربه تائبًا منيبًا إليه لأتاه ربه بقرابها مغفرة(3).
فتُب إلى الله عز وجل، واعلم أن للتوبة أركانًا ثلاثة: إصلاح الماضي بالندم، وإصلاح الحاضر بالإقلاع عن الذنب، وإصلاح المستقبل بالعزم على عدم العودة إلى ذلك الذنب أبدًا.
وإياك ثم إياك أن تُسوِّل لك نفسك الخروج مع فتاة مرة أخرى ولو كان ذلك بحجة الخِطبة أو التفاهم على الزواج، وقد رأيت ماذا جرَّه عليك هذا التفكير، بل لو تمَّت الخِطبة فهي مجرد تواعد على الزواج، والخطبة لا تُحِلُّ حرامًا في العلاقة بين المخطوبين، فلا تزال الفتاة أجنبية عن خاطبها إلى أن يعقد عليها.
ونسأل الله أن يُقيل عثرتك وأن يتقبل توبتك وأن يغسل حوبتك. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 18) حديث (114) ، والترمذي في كتاب «الفتن» باب «ما جاء في لزوم الجماعة» حديث (2165) ، والحاكم في «مستدركه» (1/ 199) حديث (390) ، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح». وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/ 302) وقال: «أخرجه أحمد والترمذي بسند صحيح من حديث عمر»، وذكره الألباني في «صحيح سنن الترمذي» حديث (2165).

(2) فقد أخرج مسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «استحباب الاستغفار والاستكثار منه» حديث (2703) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ».
وأخرج أيضًا في كتاب «التوبة» باب «قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب» حديث (2759) من حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».
وأخرج أبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في الهجرة هل انقطعت» حديث (2479) من حديث معاوية رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَنْقَطِعُ الْـهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ من مَغْرِبِهَا». وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» حديث (2479).

(3) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله» حديث (3540) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/ 114) وقال: «أخرجه الترمذي وهو حديث حسن».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend