أنا بنت، أحب واحدًا متدينًا ومحترمًا، ويصلي والحمد لله كلَّ الفروض في الجامع، وكان قد رأى حُلمًا في المنام جعله يقلق، وقرر أن نصلي صلاة الاستخارة.
ثم قمنا بالأمر وصلينا بالفعل، وقال: إنه نام ورأى حُلمًا مزعجًا. وقال: إنه سوف يصليها ثانية. وصلاها بالفعل، وجاء نفس التفسير، ورأى حُلمًا مزعجًا، وصلى ثالثًا ورأى نفس الحلم، وقلنا: إننا سوف نترك كل شيء على الله 
. وتركنا الأمر، وكانت العلاقة جيدة، وليست هناك مشاكل، وكنا ننتظر نهاية الامتحانات حتى يتقدم لخطبتي من أهلي.
وبعد فترة جاءت له الأحلام المزعجة مرة أخرى، وعادت باستمرار، وأصبح يفزع من النوم، وأصبح يخاف النوم بسببها، وقال: إننا ينبغي أن نترك بعضنا البعض؛ لأنه يشعر أنه بذلك يُغضب ربه؛ لأنه عصاه؛ لأنه لم يسمع له عندما جاءه الحلم في المرة الأولى.
وأنا أشعر أن كل هذا من الشيطان؛ حتى يملأ الحزن قلبنا ويفرق بيننا.
أنا أريده حتى يدخلنيَ الجنة؛ لأنه هداني إلى طريق الله وجعلني أقربَ إلى الله أكثر، وأنا أريده حتى أكمل الطريق والقرب من الله أكثر وأكثر.
فأعطني الجواب، وقُل: هل هذا من الشيطان أم من الله؟ وهل هذه رؤيا صادقة أم كاذبة؟ وهل نستمر مع بعضنا البعض أم لا؟ وهل تعتمد صلاة الاستخارة على الرؤيا أم لا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ يا بنيتي إذا همَّ المسلمُ بأمرٍ من الأمور أن يستخير ربَّه جل وعلا ثُمَّ يمضي في هذا الأمر، فإن كان خيرًا يسَّره الله، وإن كانت الأخرى صرفه عنه.
ولا يوجد ارتباط حتمي بين الرؤيا والاستخارة، ولكن يا بنيتي إن جاءت الرؤيا على هذا النحو بعد الاستخارة وتكررت فإنه يعسر تجاهلها، ولا يلزم بالضرورة أن تكون من الشيطان.
وأرى أن يُكرر الاستخارة، ويتجرد لطلب الهداية من الله عز و جل ، وأن يجعل نومه على طهارة وذكر، فإن تكررت الرؤيا رغم ذلك فربما كانت هذه إشارة بالانصراف عن هذا الأمر، وقد يكون من الخير أن تنصرفا عنه مبكرًا قبل أن تتطور الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك ويكون التراجع مكلفًا وفادح الثمن.
أما أنت يا بنيتي فسيتولاك الله عز و جل ، وسيُقيض لك من يستحقُّك ومن يأخذ بيدك إلى ما تنشدينه من عبادة الله عز و جل والتقرب إليه. والله تعالى أعلى وأعلم.
