حفظ الله شيخنا الجليل الدكتور صلاح الصاوي، نحن مؤسسة في جمهورية مصر العربية «جملة ماركت» بفضل الله قمنا بتوسيع الماركت وأخذ دورٍ علويٍّ للتوسعة، وقمنا بشراء الساحة التي أمام الماركت، وهناك سيدة لها محلٌّ بابه يطُل على تلك الساحة فعرضنا عليها شراء المحل فطلبت سعرًا مبالغًا فيه، فقررنا بناء سور بيننا وبينها، وهذا السور في ملكنا لكي يكون لنا مدخل ومخرج مُستقل بعيد عنها، وهذا ما يقتضية نظام الماركت، فاعترضت، فهل نحن على حق أم ماذا؟ و ما هي الضوابط في هذا الأمر، وهل هذا تعدٍّ على الجار، أم نحن أصحاب حق؛ لأنها تطمع في استغلال الموقف؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن للجِوَار حُرمَتُه، وما زال جبريل يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظن أنه سيورثه(1)! ومما حرم في العلاقة بالجار تعمُّد الإضرار به أو التضييق عليه بكل ما يُعَدُّ في العرف ضرارًا أو تضييقًا، وقد نهت الشريعة عن الضرر والضرار بصفة عامة(2)، وصار هذا من قواعد الفقه الكلية، وأولى الناس بعدم المضارة به الجار؛ لما وردت من الوصية به في مواطن شتى في كتاب الله عز وجل وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل مُطلق في الشرع يرجع في تحديده إلى العُرف.
ويمكن الاستعانة بما تقضي به التراتيب الإدارية النظامية في هذا الشأن، فإنه مما يستأنس به في معرفة ذلك، وينبغي التقيُّد به. زادك الله حرصًا وتوفيقًا، واللهتعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الوصاة بالجار» حديث (6015) ، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «الوصية بالجار والإحسان إليه» حديث (2625) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) فقد أخرج الحاكم في «مستدركه» (2/ 66) حديث (2345) ، والبيهقي في «الكبرى» (6/ 69) حديث (11166) ، والدارقطني في «سننه» (3/ 77) حديث (288) ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ». وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه». وقوَّاه النووي في «الأربعين»، وحسَّنه ابن الصلاح، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (250).