هل ما أنا فيه- من ميل جنسي إلى الذكور دون الإناث- بلاءٌ أم عذاب؟ إن كان بلاء، فهل يبتلي الله عباده بما لا يرضاه؟ وهذا الإحساس ليس لي فيه دخل، فهو مفروض عليَّ منذ أن كنت صبيًّا.
وهذا ما يؤرقني، فلماذا يبتليني ربي بمثل هذا البلاء، ثم يتوعدني بالعذاب؟ وإن كان ما أنا فيه عذاب مِن الله يا ترى ما الذي أذنبته عندما كنت صبيًّا ليُسلِّط عليَّ ربي هذا العذاب والخزي؟
أليست هذه هي المعيشة الضنك التي توعَّد الله بها مَن يعرض عن ذكره؟ وأنا أخال نفسي لم أُعرض عن ذِكر ربي، فلم يا ترى أحيا هذه الحياة المخزية والمعيشة الضنك؟ ناشدتُكم الله أشيروا عليَّ ما الذي أفعله حتى أحيَا حياةً كبقية الخلق؟
ما رأي العلم والطب في مثل حالتي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
لقد سبق أن مجرد هذه الرَّغبة إنْ كبَحَ الإنسان جماحَها، ولم يسترسل معها بل خاف مقامَ ربِّه، ونهى نفسَه عنها وقاومها بكل ما يستطيع، فإنه لا حرج عليه منها ولا تثريب عليه فيها، بل قد يكتب له بها ثواب من جاهد نفسه وراضَها على طاعة ربه، فتكون سببًا في رفعة درجاته وتكفير سيئاته، وإنَّما يبدأ الحرج عندما يبدأ الاسترسال معها والاستجابة لغَوَاية النفس والهوى فيها.
هذا ولله عز و جل أن يبتلي من شاء بما شاء، ليَعلمَ الصادق من الكاذب، وليَمِيزَ الخبيث من الطيب:﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [محمد: 31]، وليس ما تذكُر بمُستَغْرَب، ألا يبتلى بعض الناس بحب الخمر؟ ألا يبتلى آخرون بحب الأفلام الخليعة والموسيقى المثيرة… إلخ؟ فيجاهد فريق من هؤلاء نفوسهم في الله فتعلو درجاتُهم، ويرتكِس آخرون فيتعرضون لسخط الله وعذابه، ويصبحون في خطر مشيئته، إن شاء عذَّبهم وإن شاء غفر لهم، وله في كل ذلك الحكمة البالغة، وعلى كل ذلك الحمد والثناء الحسَن.
داوِمْ على مجاهدة نفسك في الله عز و جل ، وتخيَّر رُفقةً صالحة تُعِينك على الكدح إلى ربِّك، واحذر الوَحدةَ وخلَّانَ السوء، والزم الذكر وقراءة القرآن، واصدُق اللَّجْء إلى ربك، وأدم قرع أبوابه، وأنِخْ مطاياك بأعتابه، ولن يضَيِّعَك، إن شاء الله. والله تعالى أعلى وأعلم.