ما حكم الشرع في لبس أسورة من الفضة أو النُّحاس تساعد في علاج آلام الظهر والرقبة. مع العلم أنه لم يصفها لي طبيب مختص. وقد ورد على مسامعي حديث شريف فيما معناه: أن رسول الله  رأى رجلًا يلبس أسورة من نُحاس فقال: «لِـمَ هَذِهِ؟» قال: من الوَهْن. قال: «لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا».

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في «سننه» وغيره، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم  رأى رجلًا في يده حَلْقة من صُفْر(1) فقال: «مَا هَذِهِ الْـحَلْقَةُ؟ قال: هذه من الواهنة. قال: «انْزِعْهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُكَ إِلَّا وَهْنًا»(2). وهذا الحديث نصٌّ في تحريم التمائم وإبطال اعتقاد أهل الجاهلية من تعليق التمائم والقلائد ظانين أنها تَقِيهم وتصرف عنهم البلاء، ونهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم  عما كانوا يصنعونه من ذلك في جاهليتهم بقوله: «مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ عَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ»(3)؛ وذلك لأنه لا يصرفه إلا الله عز وجل  والله تعالى هو الشافي.
والتداوي مشروع من حيث الجملة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَتَدَاوَوْا بِالْـحَرَامِ»(4). وعلى هذا فإن كان لبس هذه الأسورة من جنس التداوي الذي يربط الأسباب بالمسببات كوجود مادة تشع على العضو الذي تربط به الأسورة، ويعرف ذلك بشهادة الأطباء أو الخبراء، فلا حَرَج، أما إن كان هذا من جنس الاعتقادات الغيبية كما كان أهل الجاهلية ولا يزالون يعتقدون في التمائم فهذا من الشرك أو من ذرائعه، وقد حرَّم النبي صلى الله عليه وسلم  ذلك ونهاهم عن فعله قائلًا: «مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ»(5). فالله وحده تعالى هو الشافي، والذي يجب أن تتعلق القلوب به في صرف كل داء ومكروه، والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) نحاس أصفر يشبه الذهب.

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/445) حديث (20014)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «تعليق التمائم» حديث (3531)، والحاكم في «مستدركه» (4/240) حديث (7502)، وابن حبان في «صحيحه» (13/449) حديث (6085)، والطبراني في «الكبير» (18/179) حديث (414)، من حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه ، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/103) وقال: «وفيه مبارك بن فضالة وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات»، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/77) وقال: «هذا إسناد حسن».

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/154) حديث (17440)، والحاكم في «مستدركه» (4/240) حديث (7501)، وابن حبان في «صحيحه» (13/450) حديث (6086)، وأبو يعلى في «مسنده» (3/295) حديث (1759)، والطبراني في «الكبير» (17/297) حديث (820)، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه ، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (4/156) وقال: «رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد»، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/103) وقال: «رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم ثقات».

(4) أخرجه أبو داود في كتاب «الطب» باب «في الأدوية المكروهة» حديث (3874) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ، وأخرجه الطبراني في «الكبير» (24/254) حديث (649) من حديث أم الدرداء ل، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/86) وقال: «رواه الطبراني ورجاله ثقات»، وابن مفلح في «الآداب الشرعية» (2/336) وقال: «سنده حسن».

(5) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/156) حديث (17458)، والحارث بن أبي أسامة في «مسنده» (2/600) حديث (563)، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/103) وقال: «رجال أحمد ثقات»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (492).