ربط المرأة شعرها كالكعكة

هل المرأة إذا ربطت شعرها كالكعكة أو وضعت مشبكًا على هيئة وردة تربط به شعرها من الخلف، هل ينطبق عليها حديث «رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ»، مع العلم أنه يكون بارزًا من خلفِ أو من فوقِ رأسها وهي محجَّبة، وإذا ربطت شعرها وجعلته فوق رأسها وهي في البيت هل تدخل في هذا الحديث؟ وزداكم الله فتوحًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد روى مسلمٌ في «صحيحه» عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْـمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»(1).
قال النَّوويُّ في شرحه على صحيح مسلم: «وأما «رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ» فمعناه: يُعظمن رءوسهن بالخُمُر والعمائم وغيرها مما يُلف على الرأس حتى تُشبه أسنمة الإبل (البخت). هذا هو المشهور في تفسيره.
قال المازري: ويجوز أن يكونَ معناه يطمحن إلى الرِّجال ولا يَغْضُضن عنهم ولا ينكسن رءوسهن، واختار القاضي أن المائلات تمشطن المشطة الميلاء، قال: وهي ضفر الغدائر(2) وشدُّها إلى فوق وجَمْعها في وسط الرأس فتصير كأسنمة البخت». اهـ(3).
وقد سئل ابن عثيمين:: ما حكم وَضْع الحشوة داخل الرأس؟ أي ما حكم تجميع المرأة لشعرها فوق الرأس أو ما يُسَمُّونه بوضع الكعكة؟ فأجاب بقوله: «الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا عند أهل العلم داخلٌ في النَّهْي أو التَّحْذير الذي جاء عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  في قوله: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ». وذكر الحديث، وفيه «نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ المَائِلَةِ»، فإذا كان الشَّعر فوق ففيه نهيٌ، أمَّا إذا كان على الرقبة مثلًا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت المرأة ستخرج إلى السُّوق، فإنه في هذه الحال يكون من التبرُّج؛ لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر ويكون هذا من باب التبرُّج ومن أسباب الفِتْنة فلا يجوز».
والذي يظهر لي هو النَّهْي عما كان من ذلك مقترنًا بالتبرُّج أمام الرِّجال الأجانب؛ فإن الحديث الذي ورد في النَّهْي عن ذلك يتحدَّث عن صورةٍ من صور التبرُّج وشكلٍ من أشكاله، حيث قال «نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ المَائِلَةِ».
أمَّا ما كان من ذلك لزوجٍ فالذي يظهر لي أنه على أصل الحِلِّ؛ فإن المرأة لو ظهرت أمام زوجها كاسية عارية فلا حرج. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «النساء الكاسيات العاريات المائلات المميلات» حديث (2128).

(2) جمع غديرة، وهي الضفيرة من الشَّعر.

(3) شرح النووي على صحيح مسلم» (17/191).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend