حول معيار السرف في اللباس والزينة

يوجد مجموعةٌ من النَّاس- طبقةٌ معينة في مصر- يقومون بشراء حقائب لليد (شنطة) لبناتهن أو نسائهن سعرها عشرة آلاف جنيه، وهذا المبلغ لا يُمثِّل شيئًا بالنِّسْبة لهن، وهن يستعرضن بهذه الحقائب أمام صديقاتهن، فما حكم ذلك؟ لأن بعضهم يقول: أنا لا أفعل شيئًا حرامًا، و«إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ»(1)، وهي مسألةٌ نسبية، وأقوم بإخراج حقِّ الله، فما المانع؟
فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ وما الضابط في هذه الأمور؟ وهل إذا اشترى حقيبةً لزوجته بهذا السعر عليه إثم؟

______________________

(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الأدب» باب «ما جاء أن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» حديث (2819)، والحاكم في «مستدركه» (4/150) حديث (7188). من حديث عبد الله بن عمر ب، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن النصيحةَ هنا ذاتُ اتجاهين:
أولهما: يتَّجِه إلى مَن قُدِر عليه رزقُه ألا يَمُدَّنَّ عينيه إلى ما متَّع الله به آخرين، وأن يُذكِّرَ نفسَه دائمًا بأن ما عند الله خيرٌ وأبقى، وأن الله جلَّ وعلا ما زَوَى عنه فتنةَ المال إلا لحكمةٍ عالية وإلا لخيرٍ أراده به، وأن يعلمَ أن معيارَ السرف في المباحات معيارٌ نسبيٌّ؛ فلا ينبغي أن يَشْغَلَ نفسَه بتتبُّع نفقات الآخرين؛ قال تعالى:﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [طه: 131]
وثانيهما: يتَّجِه إلى من أغدق الله عليه مِن نِعَمِه ومَنَّ عليه بالتوسعة في رزقه أن يتقيَ السرفَ والخيلاءَ، وأن يعلم أن المُبذِّرين كانوا إخوانَ الشياطين(1)، وألا يستطيل بهذا المال، وألا يستفزَّ الآخرين باستعماله، وإن كان استعمالًا مشروعًا في الأصل، وأن يعرفَ لله فيه حقَّه، وأن يُوقنَ أن مالَه ما قدَّم بين يدي لقاء ربِّه، وليس ما أخَّر أو بدَّده في إنفاقاتٍ عابثة. ونسأل اللهَ الهدي للجميع، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) قال تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا *  إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 26، 27]

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   20 اللباس والزينة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend