أجر الجماعة للمنفرد غير المستطيع حضورها

أعيش في النرويج، والمسجد بعيد عني، لا أستطيع صلاة الجماعة في المسجد, ولكني أصلي في المنزل. فهل آخذ أجر صلاة الجماعة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن أجر صلاة الجماعة لمن شهد الجماعة، ولمن تعوَّد على شهودها وكان حريصًا عليها ولكنه حبسه عن ذلك حابس لا يد له به، وقد بذل جهده واستفرغ وُسعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم  فيما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله: «إِنَّ بِالْـمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْـمَرَضُ». وفي رواية: «إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ»(1).
ولما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  رجع من غزوة تبوك فدَنَا من المدينة فقال: «إِنَّ بِالْـمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ». قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟! قال: «وَهُمْ بِالْـمَدِينَةِ؛ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ»(2).
ولحديث: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا»(3).
وقال صلى الله عليه وسلم : «إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: رَجُلٍ آتَاهُ اللهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَصِلُ بِالمَالِ رَحِمَهُ وَيَعْرِفُ لله فِيهِ حَقَّهُ، فَهَذَا بِأَرْفَعِ المَنَازِلِ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالًا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ فِيهِ بِعَمَلِ فُلَانٍ. فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ»(4).
فبالنية الصادقة يبلغ العبد ثواب العاملين وإن تخلف عن العمل معهم، فاجتهد في إصلاح نيتك وتشوفك إلى عمل الخير ولن تُحرم الأجر الجزيل إن شاء الله.
وإني لأرجو أن يجعل الله لك بهذه النية الصادقة فرجًا ومخرجًا إن شاء الله. فإن كُنتَ فيما مضى حريصًا على صلاة الجماعة ومداومًا عليها، وكنت حريصًا على القرب من المسجد، وكان هذا المعنى في اعتبارك عندما استأجرت منزلك الحالي، ولكن حيل بينك وبين ذلك لأسباب لا يد لك فيها، فأرجو أن يُكتب لك أجرُ من شهد الجماعة. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر» حديث (1911).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «المغازي» باب «نزول النبي صلى الله عليه وسلم  الحجر» حديث (4423) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
(3) أخرجه البخاري في كتاب «الجهاد والسير» باب «يكتب للمسافر مثلما كان يعمل في الإقامة» حديث (2996)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/231) حديث (18060)، والترمذي في كتاب «الزهد» باب «ما جاء مثل الدنيا مثل أربعة نفر» حديث (2325)، وابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «النية» حديث (4228)، من حديث أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» حديث (3024).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   20 اللباس والزينة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend