تصميم فنادق يستبيح القائمون عليها تقديم الخمور

شيخنا الكريم، وظيفتي مهندس إنشائي، أعمل في تصميم المباني المختلفة بجميع عناصرها من (أساسات- أعمدة- أسقف)، وقد عملت بدولة الإمارات 8 سنوات كنت أرفض خلالها العمل في التصميم الإنشائي لأي فندق؛ لأني أعلم أنه لا يتمُّ منع شُرب الخمر والزنى داخل الفنادق في دولة الإمارات.
وعندما رجعت إلى مصر عملت في مكتب هندسي يقوم بتصميم مباني متنوعة بالإمارات وباقي دول الخليج، ومنذ شهرين أعطاني مديرُ المكتب مشروعًا عبارةً عن بُرج لأقوم بتصميمِه ومعي مجموعة من المهندسين والرسامين، واتفقت معه على ميعاد تسليم المشروع.
وبعد حوالي 10 أيام اكتشفت أن المشروع عبارة عن فندق بالإمارات، وكنت قد التزمت معه بميعاد التسليم، ولم أتمكن من الاعتذار بعد اكتشافي أنه فندق؛ لأنه لا يوجد بديل يقود هذه المجموعة من الزملاء في هذه الفترة لتصميم المشروع بدلًا مني؛ حيث إن كل رئيس مجموعة في المكتب معه مشاريع أخرى ملتزم بميعاد تسليمها، لذا اضطررت إكمال المشروع وباقي الآن شهر على التسليم النهائي للفندق.
وخلال التصميم اكتشفت أن الفندق به بارٌ لشُرب الخمر وبه مخزن للخمر وبه حمام سباحة وصالات استجمام ومساج؛ فحاولت تجنُّب العمل بهذه الأماكن التي بها حرمانية صريحة، ولكن هناك أشياء مشتركة مثل تصميم الأعمدة لكامل المبنى، منها أعمدة هذا الدور الذي به أماكن محرمة.
ويعلم الله سبحانه وتعالى أني لو كنت أعلم من أول يومٍ استلمتُ فيه المشروعَ أنه فندق لكنت قد اعتذرت عن تصميمه؛ حتى لو اضطرني ذلك لترك المكتب، ولكني اضطررت لتكملة التصميم الذي بدأته وأنا لا أعلم أنه فندق لعدم وجود البديل مع مجموعة من المهندسين.
فسؤالي بارك الله فيكم:
هل يعتبر ما قمت به من إكمال التصميم سَيِّئَةٌ جارية سآخذ وزرَ كل من سيستخدم الفندق بطريقة محرمة.
ماذا عن راتب الثلاثة أشهر الذي أخذتهم نتيجة العمل في تصميم هذا الفندق، هل يعتبر كلُّه مالًا حرامًا؟
أم فقط أخرج جزءًا من الراتب يتناسب مع ما قُمت بتصميمِه في الأماكن التي بها حرمانية واضحة، على سبيل المثال أعمدة الدور الذي به حرمانية واضحة؟
بالنسبة للمهندسين والرسامين الذين يقومون بالعمل معي في هذا المشروع؛ قد نصحتهم وأعلمتهم أن المشروعَ به أماكن محرمة، وأن المال الذي سيأتي منه فيه حرمانية (سواء كامل المبلغ أو جزء منه كما سبق ذكره) هل علي وزرُهم؟
إذا كان هذا المال حرامًا، سواء كلُّه أو بعضُه؛ فهل يجوز إخراجُه في أجهزة مستشفيات، أو في دورات مياه مساجد، أو حفر آبار وإنشاء مدارس للمسلمين الجدد في أفريقيا، أو مساعدة إخواننا في سوريا، أو غير ذلك، هل هناك مخرج للمال أفضل مما سبق ذكره؟ برجاء الإفادة.
برجاء توجيهي لأنَّ هذا الموضوع يُؤرقني وأخاف من السيئات الجارية، أو إدخال أي مال حرام على بيتي، وآخذ وزر زملائي الذين عملوا معي في هذا الفندق.
وجزاكم الله عنَّا كلَّ الخير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد أحسنت صنعًا عندما كنتَ تمتنع عن تصميم فنادق يستبيح القائمون عليها تقديم الخمور، ولا يتحرَّون منع المنكرات الظاهرة في هذه الفنادق.
وأرجو أن تكون معذورًا في هذا التصميم الأخير لأنك لم تتجانَف لإثمٍ من البداية، بل اكتشفت هذا فجأة، ولم يكن هناك من بُدٍّ من الاستمرار في هذا المشروع في ضوء ما ذكرته من ملابسات.
وقد أبرأت ذِمَّتك تجاه فريقك عندما أعلَمْتهم بواقع الحال، وما يتضمنه من حرمة أو شبهة، وتركت بعد ذلك كل واحد منهم يُقرِّر لنفسه ما يشاء فكل نفس بما كسبت رهينة(1).
وأرجو أن يطيب دخلك بإخراج جزءٍ من هذا الدخل يُساوي نسبة الأعمال المحرمَّة تحريمًا ظاهرًا أو غالبًا في هذا العمل، وأرجو أن تبذل مزيدًا من الاحتياط في المستقبل حتى لا تقع في مثل هذه المضايق مرة أخرى.
وما ذكرته من مصارف لهذا الجزء مناسب جدًّا. والله تعالى أعلى أعلم.

_____________________

(1) قال تعالي:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدثر: 38]

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة, 15 الحدود

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend