استفدتُ من التعويضات العائليَّة على الأطفال من بلدٍ أجنبيٍّ في وقتٍ لم أكن مُقيمًا في هذه البلاد، والآن أنا أقطن في بلدي، وأُريد أن أَرُدَّ هذه المبالغَ إلى البلد الذي أعطاني إيَّاها بعدما علمتُ عدمَ أحقِّيَّتي بها. كيف أَرُدُّ هذه المبالغَ من دون إعلام المسئولين في هذا البلد؟ وهل يُمكنني صَرْفُها على الفقراء في بلدي لصعوبة صَرْفها بالعملة الأجنبيَّة؟ وكيف أحتسب المبلغَ الذي في ذِمَّتي، علمًا بأن العملة زادت قيمتُها في البلد الأجنبي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإذا لم يتيسَّر لك إعادتُها إلى نفس الجهة التي صرفَتْها لك، أو خَشِيت ما قد يترتَّب على ذلك من تَبِعاتٍ قانونيَّة ونحوه- فلعل بَذْلَـها في نفس المصارف التي رُصدِتْ هذه الأموالُ من أجلها وفي نفس موطن رَصْدها يكون سبيلًا إلى براءة ذِمَّتك.
وأما بالنسبة للعملة واختلاف قيمتها، فإن الديون ترد بأمثالها لا بقيمها، فيلزمك أن ترد ما أخذته بغير حق بنفس العملة، أو أن ترد ما يساوي ذلك في يوم الوفاء، لحديث عبد الله بن عمر ب قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه، فأتيت رسول الله ﷺ وهو في بيت حفصة فقلت: يا رسول الله رويدك أسألك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير! آخذ هذه من هذه وأعطي هذه من هذه. فقال رسول الله ﷺ: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَـمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ»(1). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه أبو داود ( 3354). وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه (2/7): إسناده على شرط مسلم وقد رُوي من وجه آخر موقوفا.