أعمل في مكتب محاسبة يقوم بالقيام بمهنة المحاسبة لكلِّ أنواع الشَّركات، والشَّركات المُسندَة إليَّ للقيام بالمحاسبة لها شركة بترول وشركة ملابس، وأرجو أن يكون العمل بها حلالًا إن شاء الله، وهذا طوال العام.
ولكن أُسند إلي اليوم القيام بترتيبِ وفهرسة أوراقٍ لمدة يومٍ واحد فقط في الأسبوع القادم فقط في شركة «فيليب موريس للسجائر»، والمعلوم أن تلك الشَّركة 12% من صافي أرباحها لإسرائيل، ويأخذ الرَّقم أبعادَه الحقيقيَّة إذا علمنا أن طائرة «إف 16» أحدث طراز تتكلَّف نحو 50 مليون دولار، وهذا يعني أننا كعرب ندفع قيمة طائرة حربيَّة كلَّ 4 أيَّام لإسرائيل، وهذه الإحصائية من بحثي في الإنترنت.
أرجو الرَّدَّ علي عاجلًا؛ لأنني مُتزوِّج وأعول، وراتبي في هذا المكتب يكفيني، كما أن أموري مستقرة، وقد يترتب على رفضي للمهمة البسيطة هذه من وجهة نظر مديري- الذي يعتقد أنها بسيطة- أن أترك العمل بالكلِّيَّة.
فهل أترك العمل بالكلِّيَّة إذا اضطررت لذلك؛ لأن ذلك قد يكون به دعم لإسرائيل؛ ولأنها شركة تدخين في الأصل؟ أرجو الموازنة بين المصلحة والمفسدة وإفتائي بالجواب الشافي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الأصلَ ألا تُعين على مُحرَّم، سواءٌ أكان الاتِّجار في الخبائث، أم كان الإعانة على بغي وظلم، وفي مراجعة حسابات هذه الشَّركة قد اجتمع الأمران: الإعانة على محرم (وهو الاتجار في الخبائث)، والإعانة على بغي، وهو ما تقوم به هذه الشَّركة من دعم للبغي الذي تتولَّى كبره الدَّولة المذكورة.
ولكن إذا كانت هذه المفسدة محدودةً على النَّحو الذي ذكرتَ، ولن تتكرَّر في مستقبل الأيَّام فيما يغلب على ظنِّك، وتخشى من مفارقة هذه الوظيفة أن يترتَّب على ذلك من الخلل في حياتك ما لا قبل لك به، فأرجو أن تنغمر هذه المفسدة فيما سواها من المصالح الأخرى المشروعة.
على أن تتخلَّص من راتب هذا اليوم بتوجيهه إلى المصارف العامَّة بنيَّة التَّخلُّص وليس بنية التصدق، وأرجو أن تُثاب على ذلك ثواب العفة عن الحرام. زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.