بداية أشكر القائمين على هذا العمل المبارك المتميز، على جهودهم في تقديم الفتوى لأسئلة المستفتين من غير ملل ولا منة. وأسأل الله العلي القدير أن يوفقهم ويجزل ثوابه لهم، آمين. لدي سؤال سُئلت عنه من قبل بعض أهل بلدي الذين يعيشون تحت الاحتلال الصيني الشيوعي، وإن كان حكم مثل هذه الأسئلة منتشرًا في طيات كتب التراث الشرعي إلا أنني لم أتسرع في الإجابة عنه، لعدم توفر علم كاف عندي، ولذلك أستشيركم فيه، ولعل فقهاء هذا العصر لهم ترجيحات أو اختيارات تتناسب مع عصرنا الحديث.
والسؤال هو عن مسألة التأمين بكل أنواعها، حيث إن الحكومة الشيوعية تفرض على كل مواطن على الأقل نوعًا واحدًا من أنواع التأمين، مثلًا على الأقل على الفلاح التأمين الصحي، وعلى التاجر إضافة على ما سبق تأمين ضد الحريق. وعلى السائق وعلى السيارة، وكل على حسب عمله. فمعاملات التأمين هناك تختلف كثيرًا عما هو سائد في البلاد الإسلامية على ما أعلم، فهناك تأخذ ويتغلب عليها الطابع التجاري. وأغلب هذه الشركات ليست حكومية ولكن القانون يفرض جميعها على حد سواء لكي ينمو جانب الضرائب للدولة. فبعض العلماء هناك ذهبوا إلى حرمة الاستفادة منها، فقالوا: إن اضطر الناس إلى الاشتراك فيها فلا بأس بدفع الاشتراك ولكن لا يجوز أخذ العائد واستخدامها. فما حكم الشرع وترجيحات العلماء فيها؟ هذا جانب.
وجانب الآخر: إن الموظفين في هذا المجال تحيروا في أمرهم، فهم إن استمروا فيها يمكنهم تقديم المنفعة للمسلمين عن طريق إرشادهم إلى أقل الأنواع تكليفًا وأكثرها منفعة لهم؛ لأن أكثر الناس يجهلون مثل هذه الأمور، وفي تيسير دفع الاشتراكات… إلخ. وإن تركوا مكانهم ربما يأخذها أحد الجهلاء أو الكفار فيكون ما يكون. فماذا تقولون أو تنصحون لهم؟
أرجو منكم ذكر الأدلة بقدر الإمكان سواء كان الجواب بالجواز أو المنع. أفيدونا أفادكم الله تعالى وزاد علمكم وثبتكم على الحق وجزاكم خير الجزاء في الدارين. آمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
بالنسبة لعقود التأمين التجاري فالأصل المنع منها لما يشوبها من الغرر الفاحش والنهي عن الغرر من الأصول العظيمة في باب البيوع ولكن ما تلجئ إليه القوانين وتمس الحاجة إليه لتعلقه بضرورات حياتية فإنه يرخص فيه لما لا يخفى من أن الضرورات تبيح من المحظور ما يلزم لدفعها على أن تقدر بقدرها وكذلك الحاجات العامة فإنها تنزل منزلة الضرورات في إباحة المحظورات.
أما العاملون في هذا المجال فقد صدر قرار من المجمع هذا العام يفصل حكم العمل في هذا المجال وهو منشور على موقع المجمع فننصحك بالرجوع إليه.
أما التعويضات التي تدفع عند وقوع الحادث فإن الشخص يشرع له أن يتملك منها ما يساوي المبالغ التي دفعها بالفعل، أما الزيادات فإنه يأخذها ثم يتخلص منها بتوجيهها إلى المصارف العامة ونرجو له أن يثاب على ذلك ثواب العفة عن الحرام. والله تعالى أعلى وأعلم.
عقود التأمين التجاري
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 01 البيع