شراء الأسواق وشبهة المكوس

شيخنا، أريد أن أستفسر حول مسألة ما يسمى بالمكْس في تونس؛ ففي مدينتنا سوق حيوانات تقيمه البلدية كل سنة، وتبيع فيه بمزاد، والمشتري يتكفل بإدارته كالآتي:
عند دخول الحيوانات يدفع الفلاح مبلغًا محددًا حسب نوع الحيوان في مقابل وقوفه، ويقوم صاحب السوق طبعًا بعملية التنظيم والحراسة وإلى غير ذلك من أعمال لتهيئة المكان.
عند بيع الحيوانات يدفع المشتري أو البائع حسب الاتفاق نسبة 2 في المائة من ثمن الحيوان، وفي المقابل يتحصَّل المشتري على وثيقة تثبت ملكيته لهذا الحيوان، مع العلم أن مالك هذا السوق هذه السنة يساعد الفلاح، فغالبًا ما يأخذ أقل من هذه النسبة. لكن كما هو الحال في جميع الأسواق في بلادنا هناك كثير من المشاكل كالسرقة مثلًا أو الامتناع عن الدفع، مما يجبر صاحب السوق إلى تطبيق القانون لتغريم الفاعل.
والسؤال هنا: هل شراء هذا النوع من الأسواق حلال أم حرام؟ وجزاك الله عنا كل خير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإذا وُجِدت خدمات حقيقية جادَّة يقدمها مشتري هذا السوق، وكانت الأجرة المفترضة في مقابلها أجرة عادلة فلا حرج في شراء هذا السوق وأخذ هذه الأجرة مقابل بذل هذه الخدمات.
وإن كانت هذه الأجرة مبالغًا فيها، ودخل رجل على أساس تقليل هذه المظالم وردِّها إلى العدل حسب الطاقة فأرجو أن يكون مُحسنًا في ذلك وأن لا يحرم الأجر إن شاء الله، وليجتهد من دخل في هذا المجال في الرفق بالناس، وأن يجعل ولايته ولاية رفق ورحمة وتوسعة عليهم، وأن يضع نصب عينيه هذا الدعاء النبوي المبارك: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلـِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلـِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ»(1).
ولا يخفى أن وجود الصالحين الحريصين على دينهم في هذه المرافق خير للأمة في الجملة من وجود غيرهم ممن لا يرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم» حديث (1828) من حديث عائشة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 06 قضايا فقهية معاصرة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend