راتب شركات الدخان

كان والدي موظَّفًا في شركة لإنتاج السَّجائر، وعندما أصبح في سن الخمسين سمعنا بأن راتب شركات الدخان حرام، ولكنه أصبح في سنٍّ لا يؤهله للعمل في مكان آخر، وخصوصًا لأنه كان يعمل عاملًا في المصنع.
– هل معنى ذلك أننا تربَّينا أنا وأخواتي من حرام؟ وإن كان كذلك فما الحل أو الكفارة حتى لا نُصبح ممن ينطبق عليه قول الرَّسول الكريم أن: «كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مِنْ حَرَامٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»؟
– أنا الآن أعمل في إحدى الشَّركات الخاصة، وتعرف أن بعض الشَّركات الخاصة، وخصوصًا الصغيرة منها، لا أبالغ إن قلت: تُذِلُّ موظَّفِيها. وقد تنقَّلتُ كثيرًا من شركة لأخرى بحثًا عن المعاملة الحسنة، ولكن من دون جدوى، وأنا الآن معروض عليَّ العمل في نفس شركة الدخان التي كان يعمل بها والدي. فهل أقبل، أم أن راتبها حرام؟ غير أنني إذا عملت بها سوف أعمل بعمل إداري وليس في التَّصنيع. وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فنسأل اللهَ أن يزيدك تقًى وهدى، أما ما مضى من إنفاق أبيك عليك من دخل هذه الشَّركة فلا تسأل عنه، و﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [المدثر: 38]، لاسيَّما مع عدم علمك بالحكم الشَّرعيِّ، إذ لا يثبت حكم الخطاب في حقِّ الـمُكلَّف إلا إذا بلغه؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: 19].
ولا ننصحك أبدًا بالعمل في هذه الشَّركة، بل اصبر واجتهد في البحث عن بدائل وسيجعل الله لك برحمته وفضله فرجًا ومخرجًا.
أما والدك فأنصحه أن يختم حياته بالبحث عن بديل، أو بتسوية معاشه ومفارقة هذه البيئة، ولا يندم على شيء تركه لله تعالى، وإن كان مُضطرًّا للبقاء في موقعه إلى أن يتيسَّر له البديل فأرجو أن يسعه عفو الله في هذه المرحلة الانتقاليَّة، ما دام عازمًا على التَّحوُّل عن هذا المكان إلى غيره عند أول القدرة على ذلك.
زادك الله يا بني حرصًا وتوفيقًا وهدى وتقى، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend