تظاهر الموظفين طلبًا للتعيين بدون حاجةٍ من العمل إليهم

أرجو أن يتَّسع صدركم لفتواي؛ حيث إنني مطور مواقع إنترنت، وكنت في شهر يناير 2010م قد قرأت في أحد المواقع عن إعلانٍ عن وظيفةِ مطورِ مواقعَ، وتقدمتُ لها بالفعل، واشتغلت، وكانت الجهةُ المسئولة هي عبارة عن شركةٍ تتخذ اسمًا معينًا، وتقوم بعمل موقعٍ خاصٍّ بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم بمصر مجلس الوزراء، وتتخذ من حجرة قسم نظم المعلومات بالهيئة مكانًا لها.
فنحن نذهب للهيئة للعمل، لكننا لسنا على قوة الهيئة، نعمل بنظام المهام، نُكلَّف بالمهمة ونأخذ الأجر.
مع العلم بأن هذه الشركةَ مجردُ اسمٍ، ليس لها نشاطٌ فعليٌّ.
المهم، مدير هذا المشروع بعد فترة توفي في حادثٍ، وكان رافضًا لتعييننا في الهيئة بعقود، وقام أحد الموظفين من دونه باستلام مهام المدير بدلًا منه وأصبح المدير، وسعينا في التعيين في الهيئة، وماطَلَنا رئيسُ الهيئة، وأتت علينا فترة قلَّ فيها العمل، ولكن مديرنا هذا لم يُعلم رئيسَ الهيئة بقلة العمل؛ حتى لا يتمَّ الاستغناءُ عن أحدِنا، ولا نعرف لماذا فَعَل ذلك، وأنا أشكُّ في أنه فعل هذا حفاظًا على منصبه كمدير؛ حتى لا يفقد منصبه.
المهم، قمنا بعمل إضراباتٍ للتعيين ورَفْع المرتبات وعدم الاستغناء عن أحدنا، فكُنَّا نُهدِّد بالرحيل كلنا إذا تمَّ الاستغناء عن أحدنا، ومكثنا في هذا الوضع مدة حتى بعد الثورة.
والآن أصبحنا شبه منتهين من الموقع، ومكثنا شهر رمضان بلا عمل تقريبًا، ونسعى الآن للتعيين، رغم أن هناك احتمالًا بنسبة 99% ألا يكون هناك عمل بعد الآن.
وسؤالي: هل راتبي حرام، وإنني مشارك في خداع رئيس الهيئة باحتياج الهيئة لنا؟ أم أنني مكلف بمهامَّ أؤديها وهذا ليس مسئوليتي؟
ولو تعاقدتِ الهيئةُ معنا وقعدنا بلا عملٍ، هل مرتبي حرام؟ وماذا أفعل في المرتبات القديمة؟ هل هي حرام؟
وسؤال آخر: لو أنني معي مال به شبه حرمة، أو هذا المال حرام، هل يجوز أن أستخدمه في البحث عن عملٍ جديد؟ ولو حصلت على هذا العمل الجديد بمساعدة هذا المال هل يكون مرتبي منه حرام؟
مع العلم بأن العمل الجديد أصله عمل حلال. أفتوني، فأنا في حيرة من أمري.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن منطق لَيِّ الذراع وفرض الأمر الواقع يُعد صورة من صور البلطجة التي لا ينبغي أن يقع فيها أحدٌ يخاف الله ويعلم أنه ملاقيه.
ومن ناحيةٍ أخرى فإنه إذا وُجد العملُ الذي يستوعب طاقاتكم وقصَّر رئيسُ الهيئة أو غيرُه في تعيينكم لمجرد التعنت وكراهية الخير للآخرين فهو ظالمٌ ومسئول.
وشريعة الله عز وجل  إنما هي عَدْلُ الله بين عباده وظلُّه في أرضه ورحمتُه بعموم خلقه، لا تظلم عاملًا لحساب صاحب عمل، ولا صاحب عمل لحساب عامل. وبالعدل قامت السموات والأرض.
وإذا كنت تعلم أنه لا يوجد عملٌ بعد انتهاء هذا المشروع يستوعب طاقاتكم ويستثمر خبراتكم فلا يحلُّ لكم التظاهرُ والاحتجاج لفرض تعيينكم بالقوة، بدون حاجةٍ من العمل إليكم.
أما إذا قدَّر القائمون على العمل تعيينَكم لاحتمال تجدُّد الحاجة إليكم فلا حرج في قبول ذلك، ويُترك أمرُ تقدير المصالح والمفاسد إليهم، وتكون مرتباتكم مقابل الاحتباس والارتهان لمصلحة العمل، سواء أوجد العملُ بالفعل أم لم يوجد.
وعلى كلِّ حالٍ جدِّد التوبةَ إلى الله عز وجل ، وأكثر من الصدقة، لعلها تَجبُر ما عسى أن يكونَ قد شاب عملَك من شوائب، واجتهد في التماس عملٍ بديلٍ إن فاتك العملُ في هذه الهيئة.
واعلم أن الثورةَ لا تعني البلطجة، ولا تعني الابتزاز واستباحة المؤسسات والهيئات العامة أو الخاصة، بل تعني استخلاص الحقوق المشروعة، ورد المظالم، وإعادة الأمور إلى نصابها في غير وَكْسٍ ولا شَطَطٍ. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend