أرجو أن تجيبني على هذا السؤال؛ لأني تعبت من زملائي.
هل يجوز أخذ أي أموال من غير علم الكفيل (صاحب العمل) من العملاء؟ بالرغم من أن الأمر تدخل فيه شبهٌ، كمن يقول: إن الكفيل يظلمني ولابد أن آخذ حقي بيدي؟
وهل يجوز قبول الهدايا التي ستجرُّ بعدها فتحَ أبواب مغلقة؟
وهل يجوز الكذب في العمل ليُخفي عمولة أخذها لمجرد أن صاحب العمل سيفهم خطأ؟ وشكرًا جزيلًا لسعة صدركم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فالأصل أن تؤدِّي الأمانة لمن ائتمنك، وألا تخون من خانك(1).
ومظالم الكفيل يُستعان على دفعها بالسلطان، أو بالتحوُّل إلى عمل آخر، فإن عجزت فالصبرُ. ولا تكذبوا ولا تخونوا، بل أدوا لهم حقهم، وسلوا الله حقَّكم(2). فإنما عليهم ما حُمِّلوا، وعليكم ما حملتم(3).
وكونوا على يقين أن حقوق العباد لا يتركها الله أبدًا: القصاص لا محالة(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
——————————-
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «البيوع» باب «في الرجل يأخذ حقه من تحت يده» حديث (3535)، والترمذي في كتاب «البيوع» باب «ما جاء في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر» حديث (1264) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ». وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «المناقب» باب «علامات النبوة في الإسلام» حديث (3603)، ومسلم في كتاب «الإمارة» باب «وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول» حديث (1843) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا». قالوا: يا رسول الله، فما تأمرُنا؟ قال: «تُؤَدُّونَ الْـحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ».
(3) ففي الحديث الذي أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق» حديث (1846) من حديث أبي هنيدة وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراءُ يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه. ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ».
(4) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (6/ 240) حديث (26073)، والحاكم في «مستدركه» (4/ 619) حديث (8717)، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ الله عز وجل ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ الله مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ. فَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللهُ فَالشِّرْكُ بِالله قَالَ اللهُ عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ}، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا فَظُلْمُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مِنْ صَوْمِ يَوْمٍ تَرَكَهُ أَوْ صَلَاةٍ تَرَكَهَا فَإِنَّ اللهَ عز وجل يَغْفِرُ ذَلِكَ وَيَتَجَاوَزُ إِنْ شَاءَ، وَأَمَّا الدِّيوَانُ الَّذِي لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا فَظُلْمُ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا؛ الْقِصَاصُ لَا مَحَالَةَ». وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه».